الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكافر الحربي هو الذي ليس بينه وبين المسلمين عهد ولا أمان ولا عقد ذمة، كما سبق في الفتوى رقم: 127450.
إلا إنه ينبغي التنبه إلى أن الأحكام المتعلقة بالكفار الحربيين، إنما تكون مع مشروعية الجهاد، جاء في الموسوعة الفقهية: الحرب ـ كما هو معروف ـ حالة عداء وكفاح مسلح بين فريقين، تقتضي إباحة الدماء والأموال، وهذا يقتضي بحث حالة العدو في غير حالة العهد، وفي حالة العهد:
أ ـ في غير حالة العهد: الحربي غير المعاهد مهدر الدم والمال، فيجوز قتل المقاتلين، لأن كل من يقاتل فإنه يجوز قتله وتصبح الأموال من عقارات ومنقولات غنيمة للمسلمين، وتصير بلاد العدو بالغلبة أو الفتح ملكا للمسلمين... ولا تتحقق هذه الأحكام إلا بمشروعية الجهاد، كما ذكر في الفتاوى الهندية، ففيها: يشترط لإباحة الجهاد شرطان:
أحدهما: امتناع العدو عن قبول ما دعي إليه من الدين الحق، وعدم الأمان والعهد بيننا وبينهم.
والثاني: أن يرجو الإمام الشوكة والقوة لأهل الإسلام، باجتهاده أو باجتهاد من يعتد باجتهاده ورأيه، وإن كان لا يرجو القوة والشوكة للمسلمين في القتال، فإنه لا يحل له القتال، لما فيه من إلقاء النفس في التهلكة. اهـ.
ومما ينبغي التنبيه عليه أيضا أن المسلم إذا دخل دار الحرب بأمان أو بأسر، وائتمنوه على نفس أو مال لم يحل له خيانتهم في شيء، لأنهم أعطوه الأمان مشروطا بتركه خيانتهم، وأمنه إياهم من نفسه، وإن لم يكن ذلك في اللفظ، فهو معلوم في المعنى فلم يحل له خيانتهم، لأنه غدر، ولا يصلح الغدر في الإسلام. اهـ من الموسوعة الفقهية.
ثم إنه ينبغي التذكير بأن الجهاد في الإسلام لم يشرع محبة في إراقة الدماء، أو للاستيلاء على الأموال، بل شرع لدرء الفتنة والدعوة إلى الحق، ولتكون كلمة الله هي العليا، ولذلك التزم المسلمون في حروبهم بأخلاقيات عالية وسلوكيات رفيعة، سبقت الإشارة إلى بعضها في الفتوى رقم: 56284.
والله أعلم.