الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمل في البنوك الربوية لا سيما في بيع أسهمها محرم، وما يأخذه العامل في هذه الوظيفة حرام كله، ولا يجري فيه قول شيخ الإسلام المذكور، وقد بيناه في الفتوى رقم: 137834 لأن محله ما إذا كان هنالك مال حلال ومال حرام، وأما الراتب المذكور فحرام والأصل فيه أن يتخلص منه كله في سبل الخير وأبواب البر ويدفع للفقراء والمساكين.
قال ابن القيم رحمه الله: إن كان المقبوض برضا الدافع وقد استوفى عوضه المحرم فهذا لا يجب رد العوض على الدافع، لأنه أخرجه باختياره واستوفى عوضه المحرم فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض عنه، فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان وتيسيرا لأصحاب المعاصي، ولكن خبثه لخبث مكسبه لا لظلم من أخذه منه فطريق التخلص منه وتمام التوبة بالصدقة.
وأما ما استهلك منه في شراء عقار أوهبة ونحوها فإنه يتعلق بالذمة فيدفع قدره ولا يتعلق الخبث بما استهلك فيه من عقار أوغيره. ومن العلماء من يرى أن التائب من الحرام إن كان جاهلا بحرمته عند قبضه له فيقر على ما بيده منه ولا يلزمه التخلص منه ويحل له الانتفاع به، بخلاف ما لو كان عالما بحرمته فلا يباح له منه إلا بقدر حاجته والباقي يتخلص منه.
جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية: ومن كسب مالا حراما برضاء الدافع كثمن الخمر ومهر البغي وحلوان الكاهن، فالذي يتلخص من كلام أبي العباس أن القابض إن لم يعلم التحريم ثم علم جاز له أكله، وإن علم التحريم أولا ثم تاب فإنه يتصدق به، وإن كان هو فقيرا أخذ كفايته. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 101869.
وأما مسألة الإعانة المقدمة للعاطلين عن العمل فلم يظهر لنا وجه الشبهة فيها، والمشهور أنها هبة من الدولة وليس فيها حرج إذا كان المرء مستحقا لها وفق شروط تلك الجهة.
والله أعلم.