الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن أصدرنا فتوى في حكم منع الزوج زوجته من تغطية وجهها وهل يلزمها طاعته وماذا تفعل؟ كما في الفتويين رقم: 107108، ورقم: 39636.
وقد قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ فيمن هدد زوجته بالطلاق إن سترت وجهها: أن زوجها يتوعدها بالطلاق إذا لم تكشف وجهها لإخوته: فنقول إن هذا أمر بمعصية، والأمر بالمعصية لا يجوز للإنسان أن يمتثله، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإني لأعجب من هذا الرجل كيف يأمر زوجته بأن تكشف وجهها لإخوانه، فإن هذا دليل على عدم الغيرة، إذ أن الإنسان يغار، الإنسان ذو الفطرة السليمة يغار من أن يرى أحد وجه امرأته مكشوفاً أمامه. وعليه، فنقول: تصمم هذه المرأة على عدم كشف وجهها لإخوانه ولو هددها بالطلاق، والرجل الذي لا يحسم بينه وبين زوجته إلا مثل هذه المسألة معناه أنه ليس له رغبة في زوجته ولو كان له رغبة في زوجته لكان تصميمها على أن تحتجب عن إخوته مما يدعو إلى إمساكها والتمسك بها. اهــ.
وقال أيضا: لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها في بلاد أجنبية ولا في غيرها ولو أمرها زوجها بذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. اهــ.
وقال أيضا: إذا أصر زوجها على أن تكشف وجهها فماذا تصنع؟ نقول لها أن تعصيه، بل يجب عليها أن تعصيه في هذا الحال لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ... سبحان الله بعض الناس غيرته ميتة ليس عنده غيرة. اهــ.
وإذا علمت الأخت السائلة من الزوج أنه سيطلقها إن أصرت على تغطية وجهها، فهنا نجيبها بما أفتى به الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ لما سئل عن امرأة يريد زوجها أن يطلقها، لأنها تغطي الوجه، وأخرى هددها حقيقة بإيقاع الطلاق إذا غطت الشعر، ويعيشون في الخارج، فهل هذا إكراه يبيح لها الكشف في الحالة الأولى أو الثانية؟ فأجاب بقوله: إن كانت هذه الطلقة هي الثالثة فنعم، لأنه ليس فيها رجعة فتكون الزوجة حينئذ مكرهة، وأما إن كانت الأولى أو الثانية فلا تستجيب له وسيكون هو أول من يندم، ولتستمر بتغطية الوجه والشعر، ونسأل الله لها الثبات وللزوج الهداية. اهــ.
والله أعلم.