الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل ذكر الألفاظ المتعددة في هذا من باب الإطناب للحض على تحقيق هذا الأمر العظيم فقد جمع بين الصفح والعفو في قوله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا {النور:22}.
وقال تعالى: فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الُْمحْسِنِينَ { المائدة: 13}.
وقال تعالى: فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِه { البقرة: 109}.
كما أضاف لها المغفرة في قوله تعالى: وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ { التغابن: 14}.
وأضاف الإصلاح والإحسان وكظم الغيظ في بعض الآيات، كما قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133ـ 134 }.
وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}.
كما أفرد الصفح في بعض الآيات فقال عزوجل: وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتية فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ { الحجر: 85}.
وقال سبحانه: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ { الزخرف:89}.
هذا بالإضافة إلى الآيات التي تحض على الغفران والغضّ عن السيئة وما أشبه ذلك، وقد حمل بعض أهل العلم العفو على العفو والتجاوز في الظاهر وحمل على الباطن لفظ الصفح، فالعفو والصفح بينهما تقارب في الجملة، إلا أن الصفح أبلغ من العفو، لأن الصفح تجاوز عن الذنب بالكلية واعتباره كأن لم يكن، أما العفو فإنه يقتضي إسقاط اللوم الظاهر دون الباطن، ولذا أمر الله نبيه به في قوله: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ {الحجر:85}.
وهو الذي لا عتاب معه، كما قال يوسف عليه السلام: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {يوسف:92}.
وراجع المفردات للراغب، وبصائر ذوي التمييز للفيروزبادي.
والله أعلم.