الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خروج الريح ناقض للوضوء سواء كان بصوت أو بدون صوت إذا كان خروجه متيقنا، ولو كان شيئاً يسيراً من الريح، أما مجرد الشك بأن شيئا خرج من غير يقين فلا عبرة به، سواء كان ذلك أثناء الصلاة أو خارجها، فقد شُكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يُخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. متفق عليه.
قال النووي في شرح الحديث: معناه: يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم باجماع المسلمين، وهذا الحديث أصل من أصول الاسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه وهي: أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث وهي أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة، ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف. انتهى.
وعلى هذا، فإذا لم تكن متيقنا من خروج الريح فاعلم أن ما تجده مجرد وسوسة وشكوك لا أثر لها على صحة الطهارة وعليك أن تعرض عنها، ولا يجوز قطع الصلاة لذلك، وبالإعراض عن تلك الوساوس والخيالات ستختفي ـ بإذن الله تعالى ـ وإن كنت متيقنا من خروج الريح، فإنها ناقضة للوضوء مفسدة للصلاة إن خرجت أثناءها، فإن كان خروجها مستمرا نظرت فإن كان ينقطع في أثناء وقت الصلاة زمنا يتسع لفعل الطهارة والصلاة دون أن يخرج شيء فعليك الانتظار لهذا الوقت حتى تصلي بطهارة صحيحة، وإن كان لا ينقطع وقتا يتسع لأن تتوضأ وتصلي في الوقت دون أن تخرج الريح، فأنت في حكم صاحب السلس فلتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ولك أن تصلي بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل.
والله أعلم.