الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للدعاء في الصلاة مواضع تقدم بيانها في الفتوى رقم: 218965.
وما بعد الفاتحة ليس من هذه المواضع، والمشروع بعد الفاتحة إما قراءة السورة أو ما تيسر من القرآن في الركعات التي يستحب فيها ذلك، أو الركوع في الحالات التي يقتصر فيها على الفاتحة، كالركعة الأخيرة من صلاة المغرب، والأخيرتين من الرباعية، ولا تستحب الزيادة على الفاتحة هنا ولو كان سورة قصيرة، لأن أكثر الأحاديث التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا تدل على أنه كان يقتصر في الركعتين الأخيرتين على الفاتحة فقط، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بأم الكتاب وسورة معها في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر وصلاة العصر ويسمعنا الآية أحيانا وكان يطيل في الركعة الأولى.
قال في سبل السلام عند شرح الحديث المذكور: فيه دليل على شرعية قراءة الفاتحة في الأربع الركعات في كل واحدة وقراءة سورة معها في كل ركعة من الأوليين وأن هذا كان عادته عليه السلام كما يدل له: كان يصلي ـ إذ هي عبارة تفيد الاستمرار غالبا. انتهى.
وفي كفاية الأخيار في الفقه الشافعي: يسن للإمام والمنفرد قراءة شيء من القرآن العظيم بعد قراءة الفاتحة في صلاة الصبح وفي الأوليين من سائر الصلوات، والأصل في مشروعية ذلك ما رواه أبو قتادة ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم القرآن وسورتين وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب ويسمعنا الآية أحيانا ويطول في الركعة الاولى ما لا يطول في الثانية وكذا في العصر. انتهى.
وفي العدة لأبي محمد بهاء الدين المقدسي على شرح العمدة لموفق الدين ابن قدامة: وإن كانت الصلاة أكثر من ركعتين نهض بعد التشهد الأول كنهوضه من السجود, ثم يصلي ركعتين لا يقرأ فيهما بعد الفاتحة شيئا، لما روى أبو قتادة, أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب، وكتب عمر إلى شريح أن اقرأ في الركعتين الأوليين بأم الكتاب وسورة وفي الأخريين بأم القرآن.
والله أعلم.