الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الأم عظيم، وبرّها من أوجب الواجبات، ولا سيما إذا كان في حال ضعفها ومرضها، قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا {الإسراء:23}.
فالواجب عليك بر أمك والإحسان إليها، ولا يجوز لك التقصير في حقها، لكن ذلك لا يستلزم منك ترك الزواج، بل يجب عليك المبادرة بالزواج - ولو منعتك أمك ولا طاعة لها في ذلك - ما دمت تخشى الوقوع في الحرام، قال البهوتي الحنبلي: وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِنَذْرٍ وَ عَلَى مَنْ يَخَافُ بِتَرْكِهِ زِنًا وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ ظَنًّا مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ وَصَرْفِهَا عَنْ الْحَرَامِ، وَطَرِيقُهُ النِّكَاحِ. اهـ
وبعد الزواج عليك مداومة بر أمك سواء سكنت معها وزوجتك أو سكنت قريبا منها، فتقوم بخدمتها ورعايتها إما بنفسك أو باستئجار خادمة أو غيرها، وعليك الاجتهاد في استرضائها، ويمكنك الاستعانة ببعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم ليكلموها في ذلك ويبينوا لها ضرورة زواجك، واعلم أنّك إن اتقيت الله وتوكلت عليه فسوف يكفيك كلّ ما أهمك، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}. وقال: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:3}.
والله أعلم.