الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العبد يتعين عليه حفظ لسانه وعدم التكلم إلا بما تأكد من سلامته من مخالفة الشرع ولا يسوغ أن يحمله الغضب وتغير المزاج على إطلاق لسانه بما فيه خطر عليه، وأما قولك لا أدري فنرجو أن لا يكون حصل به ردة مع عدم انشراح الصدر بالكفر، وقد سأل رجل الحسن البصري فقال: يا أبا سعيد: أمؤمن أنت؟ فقال له: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والجنة والنار والبعث والحساب، فأنا به مؤمن، وإن كنت تسألني عن قول الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً{الأنفال:2ـ4} فوالله ما أدري أنا منهم أم لا.
ذكره القرطبي في تفسيره.
وما دام الاحتمال موجودا في هذ العبارة، فالأصل بقاء الإيمان، فقد قال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الأمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة ـ رواه الترمذي والحاكم. اهـ.
ومهما يكن، فإن باب التوبة مفتوح لجميع العباد قبل بلوغ الروح الحلقوم، فقد قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}
وفي حديث الترمذي: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.
والله أعلم.