الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النظر إلى عورات النساء الأجنبيات محرم ولا يجوز استحلاله فقد قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}، وقال تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً {الإسراء:36}. وأخرج أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة. وهو حديث حسن.
وفي صحيح مسلم عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري.
قال الإمام النووي في كلامه على هذا الحديث: معنى نظر الفجاءة: أن يقع بصره على الأجنبية من غير قصد، فلا إثم عليه، وإن استدام النظر أثم، لهذا الحديث فإنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يصرف بصره. اهـ.
وقال في عون المعبود شرح سنن أبي داود : ( لا تتبع النظرة النظرة ) أي لا تعقبها إياها ولا تجعل أخرى بعد الأولى ( فإن لك الأولى ) أي النظرة الأولى إذا كانت من غير قصد ( وليست لك الآخرة ) أي النظرة الآخرة لأنها باختيارك فتكون عليك .انتهى.
ونص بعض أهل العلم على حرمة التفكر في محاسن المراة الأجنبية.
قال صاحب المطهرة:
الفكر فيما ليس يعني إنما * يحرم حيث كان فيما حرما
كالفكر في محاسن الأجانب * وعورات المسلمين الغيب.
وأما كون ما تقدم يسبب الحرمان من الحور العين فلم نر فيه نصا، وأمور الآخرة لا تؤخذ بالقياس.
والله أعلم.