الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت مصابا بشيء من الوسوسة، فنحنُ نحذركَ أولاً من التمادي فيها، والاسترسال معها، بل عليك أن تقطع دابرها بالإعراض عنها كليةً، وانظر الفتوى رقم: 95053.
واعلم أن الأصل في الأشياء الطهارة، بما في ذلك أرضية الحمام، فإن الأصل فيها الطهارة ما لم تعلم نجاستها، فإذا علمت نجاستها أو نجاسة موضع منها، ثم مشى أخوك أو غيره عليها وصادف موضع النجس مبتلا ورجله مبتلة تنجست رجله، وإن لم يتيقن مصادفتها لموضع النجس وهو مبتل لم يحكم على رجله بالنجاسة، وإن باشرت رجله المكان المتنجس وهي مبتلة فإنها تطهر بأول مكان طاهر تطؤه، فقد ذكر بعض الفقهاء أن الإنسان إذا بل رجله ثم مر بها على نجس يابس ثم مر بها على موضع طاهر فإنها تطهر بالمرور الثاني أي يعفى عما تعلق بها، وهذا القول مناسب لأصحاب الوساوس والشكوك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: فإن أرض الحمام الأصل فيها الطهارة وما يقع فيها من نجاسة كبول فهو يصب عليه من الماء ما يزيله، وهو أحسن حالا من الطرقات بكثير، والأصل فيها الطهارة، بل كما يتيقن أنه لا بد أن يقع على أرضها نجاسة، فكذلك يتيقن أن الماء يعم ما تقع عليه النجاسة، ولو لم يعلم ذلك، فلا يجزم على بقعة بعينها أنها نجسة، إن لم يعلم حصول النجاسة فيها. انتهى.
وفي مواهب الجليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: وأما مسألة الرجل: فمعناها أن الإنسان إذا بل رجله ثم مر بها على نجس يابس ثم مر بها على موضع طاهر فإنها تطهر بالمرور الثاني أي يعفى عما تعلق بها ولذا أدخلها في المعفوات، وأصل المسألة في سماع أشهب من كتاب الوضوء قال سئل مالك عن الرجل يتوضأ ثم يطأ الموضع القذر الجاف، قال لا بأس بذلك قد وسع الله تعالى على هذه الأمة ثم تلا: وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ {البقرة: 286}. انتهى.
أما مجرد الشك فلا تَنجس به الأشياء الطاهرة، ثم إن افترضنا نجاسة رجل الطفل بسبب مباشرتها للمكان المتنجس مبتلا فلا تتنجس يده بمجرد الإمساك بها في حال جفافهما، وبالتالي لا يتنجس ما لامسه بيده، ولا داعي حينئذ لما تقوم به من الغسل كلما لمسك أو لمست ما لامسه، واعلم أنه في حال الشك في انتقال النجاسة من جسم لآخر فالأصل عدم انتقالها، فيستصحب هذا الأصل حتى يحصل اليقين بخلافه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 128341.
ولمعرفة أحوال انتقال النجاسة من جسم لآخر انظر الفتويين رقم: 117811، ورقم: 116329.
والله أعلم.