الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والا،ه أما بعد:
فإذا كان والدكم قد حج حجة الإسلام سابقا فإن المبلغ المشار إليه يرد إلى التركة ويقسم بين الورثة القسمة الشرعية ولا يجب دفعه لمن يحج عنه، وإذا كان والدكم لم يحج حجة الإسلام فإنه لا يخلو الأمر من احتمالين, أولهما: أن لا يكون قد توفر له شرط الاستطاعة إلا في هذه المرة التي نوى حجها ومات قبله، فيكون ههنا غير مفرط ويرد المبلغ المذكور إلى التركة ويقسم بين الورثة القسمة الشرعية، وللورثة إن شاؤوا دفعه لمن يحج عنه ويكون هذا من البر ويؤجرون عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ والاحتمال الثاني: أن يكون قد توفر فيه شرط الاستطاعة في السنين الماضية ولم يحج مع تمكنه فيجب أن يحج عنه ونفقة الحج تؤخذ من التركة قبل قسمتها في قول كثير من أهل العلم وهو المفتى به عندنا، وانظر الفتوى رقم: 153101، بعنوان: هل يجب الحج عمن نواه بعد ظهور اسمه في القرعة؟ وكذا الفتوى رقم: 10177.
وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يحج عنه من التركة وهذا اختيار الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ فقد قال فيمن مات ولم يحج مع استطاعته: اختلف العلماء في هذا فمنهم من قال إنه يحج عنه وأن ذلك ينفعه ويكون كمن حج بنفسه، ومنهم من قال لا يحج عنه وأنه لو حج عنه ألف مرة لم تقبل يعني لم تبرأ بها ذمته، وهذا القول هو الحق، لأن هذا الرجل ترك عبادة واجبة عليه مفروضة على الفور بدون عذر فكيف يرغب عنها ثم نلزمها إياه بعد الموت، ثم التركة الآن تعلق بها حق الورثة كيف نحرمهم من ثمن هذه الحجة وهي لا تجزئ صاحبه،ا وهذا هو ما ذكره ابن القيم ـ رحمه الله ـ في تهذيب السنن وبه أقول أن من ترك الحج تهاونا مع قدرته عليه لا يجزئ عنه الحج أبدا لو حج عنه الناس ألف مرة . اهــ.
والقول الأول هو المفتى به عندنا كما ذكرنا، وعلى هذا يدفع من المال المشار إليه ما يحج به عنه, وانظر الفتوى رقم 68012.
والله أعلم.