الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت المعونة مخصصة لغير المتزوجات فلا يجوز للمتزوجة أخذها ولو كان زوجها لا ينفق عليها، فلها مطالبته بالنفقة وشكايته إلى القضاء .
وحيث إنها متزوجة فلا يجوز لها أخذ تلك المعونة ما لم تخبر الجهات المسؤولة بحالتها، فإن أذنوا لها في الانتفاع بها وإلا فلا، وكذلك ما أخذته سابقا بعد زواجها فعليها إعلام الجهات المسؤولة به فإن أبرؤوها منه فتبرأ ذمتها بذلك وإلا فيلزمها رده .لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي، والمال العام أشد حرمة من المال الخاص لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له، روى البخاري عن خولة الأنصارية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة.
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح :(يَتَخَوَّضُونَ) : قَالَ الرَّاغِبُ: الْخَوْضُ هُوَ الشُّرُوعُ فِي الْمَاءِ، وَالْمُرُورُ فِيهِ، وَيُسْتَعَارُ فِي الْأُمُورِ، وَأَكْثَرُ مَا وَرَدَ فِيمَا يُذَمُّ الشُّرُوعُ فِيهِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: 91] اهـ. وَفَي التَّفَعُّلِ مُبَالَغَةٌ، وَالْمَعْنَى يَشْرَعُونَ وَيَدْخُلُونَ وَيَتَصَرَّفُونَ. (فِي مَالِ اللَّهِ) : أَيْ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ مِنَ الزَّكَاةِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ وَالْغَنِيمَةِ وَغَيْرِهَا، (بِغَيْرِ حَقٍّ) : أَيْ بِغَيْرِ إِذَنٍ مِنَ الْإِمَامِ، فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ عَمَلِهِمْ وَقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ.
فعلى أمك أن تتقي الله تعالى فيما تأخذه بغير حق، ولتنصحوها بالكف عن ذلك والتحلل من الجهات المسؤولة ما لم يبرئوها منه ولتكن النصيحة بحكمة وموعظة حسنة دون جدال أورفع صوت، وإذا لم تستجب فلا حرج في إعلام الجهات المسؤولة للتصرف وفق ما ينبغي ويعتبر ذلك من البر بالأم لأنه منع لها عن الظلم وحجزها عما فيه ضرر عليها في الدنيا والآخرة .
والله أعلم.