الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى أطهر النساء: أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ـ بأن يكون قولهن معروفا، ونهاهن سبحانه عن الخضوع بالقول، فقال: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب: 32}.
قال الماوردي في النكت والعيون: فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ـ فيه ستة أوجه:
أحدها: معناه فلا ترققن بالقول.
الثاني: فلا ترخصن بالقول, قاله ابن عباس.
الثالث: فلا تُلِن القول, قاله الفراء.
الرابع: لا تتكلمن بالرفث, قاله الحسن..
الخامس: هو الكلام الذي فيه ما يهوى المريب.
السادس: هو ما يدخل من كلام النساء في قلوب الرجال, قاله ابن زيد. اهـ.
وقال ابن جزي في التسهيل: نهى عن الكلام اللين الذي يعجب الرجال ويميلهن إلى النساء. اهـ.
وقال البقاعي في نظم الدرر: وقلن قولاً معروفاً ـ أي يعرف أنه بعيد عن محل الطمع. اهـ.
وقال سيد قطب في الظلال: نهاهن من قبل عن النبرة اللينة واللهجة الخاضعة، وأمرهن في هذه أن يكون حديثهن في أمور معروفة غير منكرة، فإن موضوع الحديث قد يطمع مثل لهجة الحديث، فلا ينبغي أن يكون بين المرأة والرجل الغريب لحن ولا إيماء، ولا هذر ولا هزل، ولا دعابة ولا مزاح، كي لا يكون مدخلا إلى شيء آخر وراءه من قريب أو من بعيد. اهـ.
وفي هذا بيان واضح بأن الكلمات التي ذكرها الأخ السائل لا تليق في مخاطبة أحد الجنسين للآخر، ويتأكد هذا مع عدم وجود الحاجة لذلك أصلا، وقد سبق لنا بيان ضوابط المحادثة بين الجنسين، فراجعي الفتويين رقم: 30792، ورقم: 44272.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 12562، 16879، 74577.
وأما السبب الثاني من أسباب إنكار السائلة للعبة المذكورة، وهو ضياع الوقت، فهو أمر معتبر إجمالا، ولكن ليس في باب التحريم، وإنما في باب الكراهة، وذلك إن كان اللعب خاليا من المحاذير الشرعية، فما من لعبة وإلا ويمكن استغلال وقتها في ما هو أفضل وأنفع منها!! ومع ذلك لا يحكم عليها بالحرمة إلا إذا كان فيها أو ترتب عليها محذور شرعي، وقصارى القول أن اللعب لا يؤجر عليه صاحبه إلا إذا كان عونا على الحق، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 36646.
وأما السبب الثالث، وهو دخول الكذب في مثل هذه التخمينات والظنون، ففيه نظر، إلا إن أريد بالكذب: الخطأ، ويضاده الصدق بمعني الإصابة، وذلك أن هذه الظنون إنما هي توقعات يعلم قائلها وغيره أنه لا تعدو الظن والتخمين، وراجعي الفتوى رقم: 131613.
والحاصل إن اللعبة المذكورة لا تخلو من كراهة، إلا إن جرت بين نساء ورجال فتحرم، لما فيها من ذريعة الفتنة.
والله أعلم.