الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك ـ أيتها الأخت الكريمة ـ أن تسددي وتقاربي وتفعلي ما تقدرين عليه من طاعة الله والتقرب إليه حسب وسعك وتستفرغي جهدك في حفظ وقتك ورعاية قلبك وتعتني ما أمكنك بتعلم ما يقربك إلى الله عز وجل من علوم الشريعة وليس الاعتزال عن الناس والتفرغ لهذا الشأن مما يتعين طريقا للتقرب إلى الله تعالى، بل عملك كأستاذة توجهين الطلاب وترشدينهم وتؤثرين فيهم هو باب من أبواب الخير يمكنك استثماره في مرضات الله تعالى، ولو أن أهل الخير والصلاح تركوا التدريس وتعليم النشء فسيؤدي ذلك إلى شر عظيم حين يتسلط على تعليمهم أصحاب المناهج الباطلة المنحرفة فننصحك أن تمضي في عملك محتسبة الأجر وأن تكوني قدوة صالحة لمن تعلمينهم وتبيني لهم ما أمكنك بيانه مما هم به جاهلون، وكما أن في هذا برا لوالديك فهو كذلك سد لثغرة لا ينبغي أن يتركها أهل الخير والصلاح، وأما إصلاح القلب وتعلم العلم فإنه يسير على من يسره الله عليه، فاجتهدي في ذلك بحسب استطاعتك والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد كثرت طرق العلم ووسائل تحصيله في زماننا والحمد لله بحيث لا يفتقر ذلك إلى سفر، فعليك بالكتب والأشرطة النافعة والمواقع الجيدة التي تعنى بعلوم السنة ونشر مذاهب السلف، وحاسبي نفسك واحمليها على الإخلاص لله تعالى، وجاهديها في الله جل شأنه لترتفع عن حظوظها وتستعيض بمحبة الله تعالى والأنس به والشوق إليه عن جميع شهوات وملاذ الدنيا، فإن العبد متى ما أقبل على الله تعالى وصدق في اللجأ إليه وأدى الفرائض وأكثر من النوافل أقبل الله تعالى عليه حتى يحبه ويكون سبحانه هو سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، نسأل الله أن يهديك لأرشد أمرك وأن يوفقك لما فيه صلاح دنياك وآخرتك.
والله أعلم.