الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتارك الصلاة على خطر عظيم، وهو مرتكب لذنب أعظم من الزنى والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بإجماع العلماء، ثم إن منهم من يرى مع ذلك أنه كافر خارج من الملة، ومنهم من يرى أنه شر الفساق وأنه يخشى عليه إن لم يتب من أن تسوء خاتمته ويموت على غير الملة والعياذ بالله، وانظر لتفصيل الخلاف في حكم تارك الصلاة الفتوى رقم: 130853. وعلى القول بكفره فإن توبته بأن ينطق الشهادتين ويصلي، والراجح أنه لا يجب عليه الغسل إلا إن كان ارتكب حال كفره ما يوجب الغسل، وانظر الفتوى رقم: 147945 .
ثم اعلم هداك الله أن المحافظة على الصلاة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن هي من أعظم أسباب الوقاية منها والتغلب عليها والقدرة على مواجهتها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك. واستقامته على أداء الصلاة يكون باستحضار خطر تركها، وأنه يعرض نفسه بذلك لعقوبة الله وخزيه في الدنيا والآخرة، ومجاهدة النفس والاستعانة بالله تعالى والاجتهاد في دعائه بالتوفيق والتثبيت على الحق، ويكون كذلك بترك صحبة الأشرار الذين يصدون عن ذكر الله وعن الصلاة، فإن صحبتهم من أعظم ما يحول بين العبد وبين الاستقامة، والحرص على صحبة الأخيار من أهل التدين والاستقامة؛ فإن في صحبتهم خيرا عظيما والصاحب ساحب كما قيل. فعليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا من جميع الذنوب كالعادة السرية وغيرها والتي من أخطرها ترك الصلاة، واعلم أنك لو صدقت في التوبة ومجاهدة نفسك والإقبال على ربك تعالى أعانك سبحانه على ما تريد من الاستقامة فإنه سبحانه كريم لا يرد من أقبل عليه، وقد قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}.
والله أعلم.