الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم الدراسة في الجامعات المختلطة وما تشتمل عليه من المفاسد والمنكرات ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2523.
ولا ريب أن فتنة النساء خطرها عظيم، ولا ينجو منها إلا من اعتصم بالله ووقف عند حدوده، ومن تهاون فيها واتبع خطوات الشيطان عرّض نفسه للوقوع في الحرام وأفسد قلبه وأغضب ربه، وأعظم أسباب النجاة من هذه الفتنة هو الزواج لمن قدر عليه، فإن كنت تقدر على الزواج فبادر به ولا تتردد، فإن منعك والداك من المبادرة بالزواج فاجتهد في إقناعهما بحاجتك إلى الزواج واستعن ببعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم ممن يقبلان قولهم ليكلموهم في هذا الأمر، فإن أصرا على منعك من الزواج فلا يلزمك طاعتهما في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 114196.
لكن عليك برهما والإحسان إليهما بكل حال، وأما إن كنت لا تقدر على المبادرة بالزواج فعليك أن تصبر وتستعف، ومما يعينك على ذلك: أن تجاهد نفسك وتجتنب مواطن الفتن وتحرص على صحبة الصالحين الذين يذكرونك بالله مع صدق الاعتصام بالله والاستعانة به والتوكل عليه في صرف الفتن عن القلب واليقين بأنّه لا حول لك ولا قوة إلّا بالله، فلا قدرة لك على فعل طاعة أو ترك معصية إلّا أن يمنّ الله عليك بالإعانة والتوفيق، وأكثر من الدعاء بإلحاح، فإن الله قريب مجيب، واعلم أن ثمن الجنة غال وطريقها محفوف بالمكاره، قال ابن القيم رحمه الله: وَمِنْ عِلَاجِهَا: أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مَرَارَةَ الدُّنْيَا هِيَ بِعَيْنِهَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ، يَقْلِبُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ، وَحَلَاوَةَ الدُّنْيَا بِعَيْنِهَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ، وَلَأَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مَرَارَةٍ مُنْقَطِعَةٍ إِلَى حَلَاوَةٍ دَائِمَةٍ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ عَكْسِ ذَلِكَ، فَإِنْ خَفِيَ عَلَيْكَ هَذَا فَانْظُرْ إِلَى قَوْلِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ: حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ـ رواه مسلم.
ولمعرفة بعض الوسائل المعينة على التغلب على الشهوة غير الصوم راجع الفتوى رقم: 23231.
والله أعلم.