غضب الله أعظم من مجرد عدم استجابة الدعاء

3-4-2012 | إسلام ويب

السؤال:
لدي عدّة أسئلة، الأمور مختلطة عندي:
أولًا : ما حكم الذهاب وشراء أشياء محرمة مثلًا أفلام أو أشرطة أغاني. أعلم بأنه حرام لكن أريد تفصيلا، علما بأني أشتريها بمال " حلال "
هل هناك شيء في هذه المسألة يدخل في عدم إجابة الله دعوتي أو أعمالي الصالحة؟ أم أن المسألة تختلف هنا ؟
أيضا سؤالي الثاني: ماحكم الذهاب وشراء الحلويات الكثيرة أو الوجبات الدّسمة وأكلها بإسراف؟ هل يدخل في الأكل الحرام؟ أو ماحكم شرائها لـ عمل حفلة محرّمة؟
وما حكم شرائي أي شيء سواء محرم أو حلال، ولكن من غير أن يعرف " والدي " لأنه لا يرضى بذلك؟
أعلم أنه حرام وعصيان له، ولكن هل يدخل في أكل الحرام أو مال حرام أو ملبس الحرام؟ علما بأن المال حلال.
هل هذه الأشياء تدخل في حكم الأكل الحرام وعدم إجابة الله دعوتي ولا أعمالي الصّالحة؟ أم أنني خلطت الأمور بعضها ببعض؟
الزبدة : ماحكم شراء أشياء محرمة واستخدامها بشيء محرّم علما بأن المال حلال؟
أريد تفصيلا. فأنا كثيرًا أفكر وقد أخلط الأمور ببعضها البعض مما يجعلني في حيرة. فأنا لا أريد أن يغضب الله مني ولا يجيب دعوتي أو أعمالي بسبب أشياء محرمة عادية.
 سؤالي الأخير : هل معنى حديث أكل الحرام أن الله لا يقبل دعوة الذي يستخدم المال الحرام إطلاقا مطلقا ؟ أم معناها فقط أنها استبعاد للدعوة ولكن قد تستجاب ؟
وهل لايقبل الله مني أي عمل صالح؟ مثلًا استغفار لفرج الهموم أو تسبيح أو أذكار أو أي عمل. هل لا يقبل الله من الذي ماله حرام أو أكله حرام؟
افيدوني بالتفصيل.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنريد أولا التنبيه إلى أن العاقل ينبغي أن تكون خشيته من أن يغضب عليه الله ويعذبه بسبب ارتكابه معصية الله أعظم في نفسه من خشية أن لا يستجاب دعاؤه بسبب أكل الحرام. فليس من شك في أن الحرمان من استجابة الدعاء خسارة كبيرة والعياذ بالله، ولكن غضب الله تعالى لا يقوم له شيء، وحر النار شديد، وقعرها بعيد، ومقامعها حديد.
وفي خصوص ما سألت عنه فإن هذا السؤال متشعب ومتداخل، ولذلك فإننا سنجمل في الإجابة عليه فتكون في نقاط حسب الأفكار الواردة فيه، وليست على ترتيبه.
أولا: لا يجوز الذهاب للمعصية ولا شراء الأفلام والأشرطة المحرمة وغيرها مما حرم الله ولو كان الشراء بمال حلال وبإذن الوالد.. ولا يجوز استخدام الأشياء المباحة في شيء محرم، ومن فعل ذلك فقد عرض نفسه لغضب الله وعقابه وتسبب في عدم إجابة دعائه.

ثانيا: الذهاب لشراء المأكولات والحلويات وغير ذلك من المباحات لا حرج فيه، ولكن شراءها لحفلة محرمة لا يجوز لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان.

ثالثا: الإفرط في تناول الطعام عادة سيئة ومذمومة شرعا، فقد قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف:31}. و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن ادم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.

رابعا: شراء الولد للأشياء المباحة بغير إذن والده إن كان الولد بالغا رشيدا فإن له كامل الحرية في الشراء والبيع والصدقة والتصرف في كل ماله أو بعضه كيف شاء بما لا يخالف الشرع، أو يؤثر على نفقة والديه إن كان ينفق عليهما، ولكن من برهما والإحسان إليهما أن يطيعهما بالمعروف؛ فقد أمر الله بطاعتهما في غير معصية. قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى: إذا ثبت رشد الولد الذي هو صلاح الدين والمال معاً لم يكن للأب منعه من السعي فيما ينفق ديناً أو دنيا، ولا عبرة بريبة يتخيلها الأب مع العلم بصلاح دين ولده وكمال عقله".

خامسا: معنى قول النبي- صلى الله عليه وسلم- في الحديث المشار إليه ".. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له" فإن أهل العلم قالوا إن معناه : كيف يستجاب لمن هذه صفته على جهة الاستبعاد، ومعناه: أنه ليس أهلا لإجابة دعائه، ولكن يجوز أن يستجيب الله له فضلا وكرما، وقد تكون الإجابة استدراجا له والعياذ بالله.

سادسا: قبول عبادة العاصي وطاعته علم ذلك إلى الله تعالى، إلا أن هنالك أسباباً لقبول الطاعة ومن أعظمها لزوم التقوى، كما قال الله تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة:27]. ولا شك أن الذي ماله حرام ومطعمه حرام ليس بمتق.

والله أعلم.
 

www.islamweb.net