الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بنوك الحليب فكرة غربية دخيلة نشأت بسبب تفكك المجتمع الغربي وتقطع أواصره وانتشار الفواحش بشكل مذهل فيه.
وهذه الفكرة تحتف بها مجموعة من المحاذير الدينية والصحية منها:
- أن جمع اللبن من أمهات متعددات، وخلطه ثم إعطاءه الأطفال يؤدي إلى عدم معرفة المرضعة ومن أرضعت، وبذلك تحدث الجهالة مما قد يؤدي إلى أن يتزوج الرجل بأخته من الرضاع أو أمه أو خالته أو عمته من الرضاع، أو أن يجمع بين المرأة وأختها من الرضاع. وهكذا يدخل الناس في متاهات لا آخر لها. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
- ومنها: أن اللبن يتعرض للميكروبات وتدخل فيه المواد الحافظة التي تؤثر سلبا على الطفل.
- ومنها: أن وجود هذه البنوك قد يؤدي إلى أن بعض المترفات تعزف عن إرضاع طفلها اكتفاء بوجود هذا الحليب في هذه البنوك، وهذا يؤدي إلى حرمان الطفل من فوائد الرضاع المباشرة وهي كثيرة ذكرها الأطباء.
ولذا فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الثاني 1406هـ / 22-28 ديسمبر 1985م.
بعد أن عرض على المجمع دراسة فقهية، ودراسة طبية حول بنوك الحليب، وبعد التأمل فيما جاء في الدراستين ومناقشة كل منهما مناقشة مستفيضة شملت مختلف جوانب الموضوع تبين:
1- أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية، ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية والعلمية فيها فانكمشت وقل الاهتمام بها.
2- أن الإسلام يعتبر الرضاع لحمة كلحمة النسب، يحرم به ما يحرم من النسب بإجماع المسلمين، ومن مقاصد الشريعة الكلية المحافظة على النسب، وبنوك الحليب مؤدية إلى الاختلاط أو الريبة.
3- أن العلاقات الاجتماعية في العالم الإسلامي توفر للمولود الخداج -إلقاء المرأة ولدها قبل أوانه لغير تمام الأيام، وإن كان تام الخلق- أو ناقصي الوزن أو المحتاج إلى اللبن البشري في الحالات الخاصة ما يحتاج إليه من الاسترضاع الطبيعي، الأمر الذي يغني عن بنوك الحليب.
وبناء على ذلك قرر:
أولا: منع إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي.
الثاني: حرمة الرضاع منها.
والله أعلم.