الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللواط محرم بإجماع الأمة، وهو مناف للفطرة السليمة. قال تعالى في أصحابه: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ {الشعراء: 165-166}.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ليس في المعاصي أعظم مفسدة من هذه المفسدة، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل كما سنبينه إن شاء الله تعالى، ولم يبتل الله تعالى بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحدا من العالمين، وعاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أحداً غيرهم، وجمع عليهم من أنواع العقوبات بين الإهلاك وقلب ديارهم عليهم، والخسف بهم، ورجمهم بالحجارة من السماء، فنكل بهم نكالا لم ينكله أمة سواهم، وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الأرض تميد من جوانبها إذا عملت عليها، وتهرب الملائكة إلى أقطار السماوات والأرض خشية نزول العذاب على أهلها، فيصيبهم معهم، وتعج الأرض إلى ربها تبارك وتعالى، وتكاد الجبال تزول عن أماكنها. انتهى.
ولكن رحمة الله واسعة، وقد وعد بها التائبين والمستغفرين. قال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء: 110}. وقال عز وجل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.
وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ. {الشورى: 25}. وقال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً. {النساء: 17}.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. أخرجه ابن ماجه.
وروى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وقال صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث ابن مسعود.
وفي الحديث القدسي : يقول الله: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي.
فاحرص أيها الأخ السائل على المضي في التوبة بشروطها التي هي الندم، والنية أن لا تعود إلى الفعل، وأن تقلع عنه مع الإخلاص لله في ذلك.
ولو جرك الشيطان للذنب مرة أخرى فعاود التوبة ولا تمل فإن الله تعالى كريم يقبل التوبة كلما تبت إليه.
واعلم أن تلك الجريمة حرام سواء مورست مع قاصر أو غيره إلا أنها في حق غير البالغ أشد، وفي كل الأحوال عليك تجنب ما يدعو إلى الوقوع في الفاحشة معه من كلام أو انفراد به لئلا يستدرجكما الشيطان للرذيلة، وإن أمكنك الاستعانة ببعض الدعاة والشباب المستقيمين ليتواصلوا معه ويأخذوا بيده لطريق الاستقامة دون كشف أمره فهو أمر مطلوب وبه تصلح ما أفسدت من أخلاقه.
والله أعلم.