الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما صدر منك هو مجرد وعد وتهديد بإيقاع الطلاق ولا يلزمك إيقاعه ولو ألحت في طلب السكن أو غيره، ولا ينبغي لك الوفاء ما دمت ترجو بقاء العشرة واستمرارالزوجية ونبذ ما وقع من جفاء، وعلى زوجتك أن تتقي الله تعالى في نفسها وفيك ولا تكلفك ما لا طاقة لك به، ولا يجوز لها أن تترك بيتها لمجرد رغبتها في سكن أرضي، وخروجها من بيتها لأجل ذلك يعتبر نشوزا، فقد قال تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ {الطلاق:6}.
فحق الزوجة على زوجها أن يفرد لها مسكنا على قدر استطاعته ووجده، وأن لا يلحقها بالسكن فيه ضرر كأذية أهل وضرة ونحو ذلك، ونوصي زوجتك بتقوى الله عز وجل وأن تكون عونا لزوجها وأن تنظر إلى من هم دونها في متاع الدنيا لترضى بما أنعم الله عليها ولا تنظر إلى من هم فوقها فتزدري نعم الله عليها، ولتعلم أن السعادة ليست بالمال والقصور وإنما هي في الرضى بما قسم الله والمودة بين الزوجين وإعانة كل منهما للآخر وإكرامه إياه ولو كانا يسكنان كوخا من قصب أو خيمة من شعر، وقديما قالت المرأة:
للبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشفوفِ
وبيت تخفق الأرواح فيه أحب إلي من قصر منيفِ.
وأكل كسيرة في كسر بيتي أحبّ إليّ من أكل الرغيف.
فمن أعظم أسباب اطمئنان الشخص وراحته النفسية أن يرضى بما قسم الله تعالى وقدره، وأن لا يستنقص ما هو فيه، وأن يعلم أنه ما من درجة يصل إليها من النقص أو الفقر إلا وتحتها درجات، لو استحضرها لحمد الله عز وجل على ما هو فيه ولعلم أنه في نعمة كبيرة، ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: انْظُرُوا إِلَىَ مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلاَ تَنْظُرُوا إِلَىَ مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللّه. رواه مسلم وغيره.
فالإنسان إذا نظر إلى مَن فُضِّل عليه في الدنيا استصغر ما عنده من نعم الله وكان سبباً لمقته، وإذا نظر للدون شكر النعمة وتواضع وحمد.
والله أعلم.