الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام لهذه البنت مال يكفيها فلا يجب على أبيها أن ينفق عليها، فإن الولد ـ صغيرا كان أو كبيرا ذكرا كان أو أنثى ـ إذا كان له مال يكفيه لم يجب على أبيه الإنفاق عليه، قال ابن قدامة: ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط أحدها: أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به فلا نفقة لهم. اهـ
وعليه، فلا يجوز للبنت أن تأخذ شيئا من مال أبيها بغير إذنه، بحجة أنها تدخر مالها لتعمل به مشروعا بعد إنهاء دراستها، فإن أنفقت البنت من مالها حتى نفد فحينئذ يجب على أبيها ـ ما دام موسراً ـ أن ينفق عليها حتى تستغني بكسب أو زوج. وانظري الفتوى رقم: 25339.
فإن امتنع من الإنفاق عليها حينئذ فلها أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق به على نفسها بالمعروف، أما سب أبيها وشتمه وإهانته لها فذلك غير جائز فهو ظلم وسوء خلق، وأعظم من ذلك كله سبه لدين الله عز وجل، فسب الدين كفر مخرج من الملة، وانظري الفتوى رقم: 133.
ورغم ذلك، فإن حق هذا الوالد على بنته لا يسقط، فقد أمر الله بمصاحبة الوالدين بالمعروف ولو كانا مشركين يدعوان ولدهما إلى الشرك بالله والكفر به، ومن حقه عليها أن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وذلك من أعظم أنواع البر به والإحسان إليه، فعلى البنت أن تنصح والدها وتخوفه من عاقبة هذه المنكرات وتجتهد في إعانته على التوبة والاستقامة مع كثرة الدعاء له بالهداية، وننبه إلى أن استثمار المال في البنوك الربوية حرام، بل هو من أكبر الكبائر ومما يوجب اللعن ويمحق البركة. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 331.
والله أعلم.