الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما كون الرزق مضمونا فهذه حقيقة ثابتة شرعا، دلت عليها نصوص الوحي الثابتة في الكتاب والسنة، ويمكن الاطلاع على بعض هذه النصوص بالفتوى رقم: 7964. وثمة حقيقة أخرى وهي كما أن الرزق مكتوب فبذل الأسباب في سبيله مطلوب كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 101860. والواجب أن يكون السبيل مشروعا، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:" فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" ومعناه كما قال المناوي في فيض القدير:أن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا حرص ولا تهافت على الحرام والشبهات. اهـ.
والطاعة قد تكون سببا من أسباب الرزق، والمعصية قد تكون سبا في الحرمان منه، وانظر الفتوى رقم 64404. وهذا فيما يتعلق بأمر الرزق عموما.
وأما بخصوص عملك في المكان المذكور فهو ينطوي على مخاطر، ومنها:
أولا: الاختلاط المحرم بين الرجال والنساء.
ثانيا: التواجد في مكان تمارس فيه المنكرات .
ثالثا: وجود أسباب الفتنة وتعرضك لها، وخاصة فيما يتعلق بالفواحش.
فإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لك الاستمرار في هذا العمل، ولا تجب عليك طاعة أهلك في ذلك ولو كان الآمر الوالدين فضلا عن غيرهما، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، وما فيه ضرر على الولد ليس من المعروف في شيء. وراجع الفتوى رقم: 76303.
ولعلك إن اتقيت الله تعالى أن ييسر لك عملا أفضل منه، قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق2 - 3}. فاستعن بالله وأكمل زواج، وهذا الزواج نفسه من أسباب الرزق، قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وفي سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف.
والله أعلم.