الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد :
فنقول ابتداء إن الفقهاء اختلفوا فيما إذا كان الواجب إصابة عين الكعبة أم جهتها بالنسبة لمن كان من أهل مكة في مكان لا يرى الكعبة.
جاء في الموسوعة الفقهية : الفرض في استقبال القبلة في الصّلاة على من يعاين الكعبة إصابة عينها، أي مقابلة ذات بناء الكعبة يقينا، وهذا بالاتّفاق. أمّا غير المعاين الّذي بينه وبين الكعبة حائل فهو كالغائب على الأصحّ عند الحنفيّة، فيكفيه استقبال الجهة. وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ الفرض لمن قرب منها إصابة العين، ثمّ فصّل الحنابلة فقالوا : إن تعذّرت إصابة العين بحائل أصليّ ، كجبل ونحوه اجتهد إلى عينها ، ومع حائل غير أصليّ كالمنازل لا بدّ من تيقّنه محاذاة القبلة بنظر أو خبر ثقة , ولم يفرّق الشّافعيّة بين الحائل الخلقيّ والحادث فقالوا : لو كان حاضراً بمكّة وحال بينه وبين الكعبة حائل خلقيّ كجبل ، أو حادث كبناء جاز له الاجتهاد إذا فقد ثقة يخبره ، لما في تكليفه المعاينة من المشقّة. اهــ , والمفتى به عندنا هو أنه لا يلزم إصابة عينها بل جهتها.
ومما ذكر يتبين لك أن برج الساعة لا يصح اعتماده جهة للقبلة لمجرد أنه قريب من الحرم بل الواجب الاتجاه إلى عين الكعبة بالنسبة لمن يراها أو إلى جهتها للبعيد عنها, وجهتها لا يلزم أن تكون هي جهة البرج فقد تكون موافقة لجهة البرج وقد تكون مخالفة , فمن كان في شارع الخليل مثلا تختلف جهة الكعبة عنده عن جهة البرج وكذا من كان جهة أبي قبيس أو جهة غزة , والحاصل أنه لا يجوز اعتبار جهة البرج جهة للقبلة لجميع الناس .
والله أعلم.