الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفقة على الأقارب المحتاجين واجبة على الموسر بالمعروف، ومن حكمة ذلك ـ والله أعلم ـ أنها صلة ومواساة لهم مراعاة لقرابتهم، قال ابن القيم رحمه الله: .. بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فَإِنَّهَا صِلَةٌ وَمُوَاسَاةٌ مِنْ حُقُوقِ الْقَرَابَةِ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِلْقَرَابَةِ حَقًّا ـ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً ـ فَالْكُفْرُ لَا يُسْقِطُ حُقُوقَهَا فِي الدُّنْيَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ {النساء: 36} وَكُلُّ مَنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَحَقُّهُ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، فَمَا بَالُ ذِي الْقُرْبَى وَحْدَهُ يَخْرُجُ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ وَصَّى اللَّهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ؟ وَرَأْسُ الْإِحْسَانِ الَّذِي لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهُ مِنَ الْآيَةِ هُوَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ عِنْدَ ضَرُورَتِهِ، وَحَاجَتِهِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُوصَى بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِحْسَانِ، وَلَا يَجِبُ لَهُ الْإِحْسَانُ أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَيْهِ؟ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَرَّمَ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ، وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً، وَتَرْكُ رَحِمِهِ يَمُوتُ جُوعًا، وَعَطَشًا، وَهُوَ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ وَأَقْدَرِهِمْ عَلَى دَفْعِ ضَرُورَتِهِ أَعْظَمُ قَطِيعَةً.
والله أعلم.