الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حضانة البنت بعد سنّ السابعة، فذهب بعضهم إلى أنّها تكون عند أبيها، وذهب بعضهم إلى تخييرها في الإقامة عند من شاءت منهما، وذهب آخرون إلى استمرار حق الأم فيها إلى أن تنتهي فترة الحضانة والتي هي أيضا محل خلاف بين أهل العلم، وانظري الفتوى رقم: 6256.
فعلى القول بأن الحضانة تنتهي بالبلوغ وكنت بالغة رشيدة فلا حرج عليك في الإقامة مع أمك، قال ابن قدامة: وَلَا تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ إلَّا عَلَى الطِّفْلِ أَوْ الْمَعْتُوهِ، فَأَمَّا الْبَالِغُ الرَّشِيدُ، فَلَا حَضَانَةَ عَلَيْهِ، وَإِلَيْهِ الْخِيرَةُ فِي الْإِقَامَةِ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَبَوَيْهِ فَإِنْ كَانَ رَجُلًا، فَلَهُ الِانْفِرَادُ بِنَفْسِهِ، لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُمَا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْفَرِدَ عَنْهُمَا، وَلَا يَقْطَعَ بِرَّهُ عَنْهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا الِانْفِرَادُ وَلِأَبِيهَا مَنْعُهَا مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مَنْ يُفْسِدُهَا، وَيُلْحِقُ الْعَارَ بِهَا وَبِأَهْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ، فَلِوَلِيِّهَا وَأَهْلِهَا مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ، انتهى ، وعند التنازع في مسائل الحضانة يرجع إلى القاضي الشرعي للفصل فيها.
لكن على كل حال عليك بر أمك وأبيك والإحسان إليهما، ولا يجوز لك قطع أحدهما مهما كان حاله، فإن حق الوالدين عظيم. وانظري الفتوى رقم: 114460.
والله أعلم.