الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحبة الشركية المذمومة هي التي يسوي فيها المحِبٌ بين محبته لله، ومحبته للند الذي اتخذه من دون الله، بحيث يبلغ كمال الحب، مع كمال الخضوع لغير الله سبحانه وتعالى، فمن أحب غير الله محبة عبودية أي محبة تستلزم كمال الذل وكمال الخضوع فقد أشرك مع الله غيره. فقد قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ .. {البقرة، 165}.
وأخبر سبحانه عن أهل النار أنهم يقولون يوم القيامة: تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ {الشعراء:97ـ 98}.
وليس من المحبة الشركية المحبة الطبيعية -أي التي جُبل عليها الإنسان بطبعه- كمحبته للأبناء وللزوجة، وما شابه ذلك من أنواع المحاب.
فمحبة المرأة لزوجها وأهلها لا يذم عليها، بل يمدح ويحمد، فعن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم: بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت ثم من؟ قال: ثم عمر بن الخطاب.. فعدَّ رجالاً. متفق عليه.
وهذا النوع من الحب قربة وطاعة .
وأما هذه الأفكار فإنه لا حساب فيها، فإن الله تجاوز لهذه الأمة عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم، وننصحك بدفع هذا الوسواس عن نفسك، والتلهي عنه والاشتغال بذكر الله والدعاء والإقبال على ما ينفعك في دينك ودنياك، قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ { النمل: 62}.
وقال تعالى:الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ { الرعد: 28}.
ومما يندفع به الوسواس الاستغفار، فعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ {البقرة: 268}. رواه الترمذي.
وقد سبق بيان الأسباب الجالبة والموجبة لمحبة الله في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 111261 ، 27513 ، 71891.
والله أعلم.