الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قدمنا ضابط ما يعفى عنه من النجاسة في الفتوى رقم 134899 ثم اعلم أن مسح النجاسة المرئية كالدم ونحوه من البدن لا يطهرها عند الحنفية، بل الواجب غسلها بالماء ليحكم بزوالها، ولكن هل يكفي غسلها مرة أو يجب غسلها ثلاثا، فيه خلاف عندهم. قال في البحر الرائق: النَّجَاسَة عَلَى قِسْمَيْنِ مَرْئِيَّةٌ كَالْعَذِرَةِ وَالدَّمِ وَغَيْرُ مَرْئِيَّةٍ كَالْبَوْلِ. فَأَمَّا الْمَرْئِيَّةُ فَطَهَارَةُ مَحَلِّهَا زَوَالُ عَيْنِهَا؛ لِأَنَّ تَنَجُّسَ الْمَحَلِّ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ فَيَزُولُ بِزَوَالِهَا وَلَوْ بِمَرَّةٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَنْزِ وَاعْتَمَدَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَقِيلَ لَا يَطْهُرُ مَا لَمْ يَغْسِلْهُ ثَلَاثًا بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْنِ الْتَحَقَ بِنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَرْئِيَّةٍ غُسِلَتْ مَرَّةً. انتهى.
فإذا علم أن المسح لا يطهر هذا الدم الذي سال عن موضعه فإنه إذا كان مجموعه أكثر من قدر الدرهم فإن الصلاة لا تصح على مذهب الحنفية لأن ما زاد على الدرهم من الدم المسفوح لا يعفى عنه.
جاء في الاختيار من كتب الحنفية: (وَكُلُّ مَا يَخْرُجُ مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلتَّطْهِيرِ فَنَجَاسَتُهُ غَلِيظَةٌ) كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالدَّمِ وَالصَّدِيدِ وَالْقَيْءِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ. انتهى.
وقد نص في المختار على أن المانع من الغليظة ما يزيد على قدر الدرهم.
والله أعلم.