الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرعايتك لأمك وخدمتك لها وهي على ما هي عليه من الكبر والضعف باب خير فتحه الله لك فاحمده عليه، ولا يحزنك عدم مساعدة إخوانك لك في ذلك وتفريطهم في هذا الخير العظيم، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23ـ 24}.
وقال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إليّ ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون {لقمان: 14ـ 15}.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على برّ الوالدين وعلى برّ الأم خصوصاً في أحاديث كثيرة مشهورة منها ما في الصحيحين عن ابن مسعود أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ العمل أحبُّ إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أيّ؟ قال: برّ الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وفيهما ـ أيضاً ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
فهنيئا لك ما اختصك الله به من رعايتك لأمك ورضاها عنك، وينبغي أن تنصح إخوانك ليسارعوا في مرضات أمهم وبرها والإحسان إليها لعلها ترضى عنهم كما رضيت عنك.
وأما ما ذكرت من كونها تريد أن تهبك ثمن شقتها دون باقي إخوانك فالذي نراه أنه لا حرج عليها في ذلك وهو نافذ إن كانت في عقلها ورشدها، لأن كثرة عائلتك وحاجتك إلى توسعة بيتك مسوغ يبيح لها تخصيصك بتلك العطية، جاء في الإنصاف: إن أعطاه لمعنى فيه من حاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة، أو منع بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص. انتهى.
والله أعلم.