الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فطاعة ولي الأمر واجبة في غير معصية الله تعالى لقوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ...} النساء : 59.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : فولاة الأمور من العلماء والأمراء يطاعون إذا لم يأمروا بخلاف أمره ... اهــ.
وقال الحافظ العراقي في طرح التثريب عن وجوب طاعتهم : وَهَذَا مَجْمَعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الطَّاعَةُ حَيْثُ لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةٍ ... اهــ .
فإذا أمر ولي الأمر بالاستسقاء بعد صلاة الجمعة وجبت طاعته, وجمهور أهل العلم وإن اختلفوا في وقت أفضلية أدائها إلا أنهم متفقون على جواز أدائها في كل وقت غير أوقات الكراهة وليس منها بعد الجمعة, وذهب المالكية إلى أنها لا تصلى بعد الجمعة.
جاء في الموسوعة الفقهية: وذهب الجمهور إلى أنّها تجوز في أيّ وقتٍ عدا أوقات الكراهة، والخلاف بينهم إنّما هو في الوقت الأفضل ، ما عدا المالكيّة فقالوا : وقتها من وقت الضّحى إلى الزّوال ، فلا تصلّى قبله ولا بعده ، وللشّافعيّة في الوقت الأفضل ثلاثة أوجهٍ ....الثَّالِثُ : وَعَبَّرَ عَنْهُ الشَّافِعِيَّةُ بِالصَّحِيحِ وَالصَّوَابِ ، وَهُوَ الرَّأْيُ الْمَرْجُوحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا أَنَّهَا لاَ تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ ، بَل تَجُوزُ فِي كُل وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ ، إِلاَّ أَوْقَاتَ الْكَرَاهَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ ، وَصَحَّحَهُ الْمُحَقِّقُونَ . وَمِمَّنْ قَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ ، وَاسْتَصْوَبَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ . وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِأَنَّهَا لاَ تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ كَصَلاَةِ الاِسْتِخَارَةِ ، وَرَكْعَتَيِ الإْحْرَامِ وَغَيْرِهِمَا ... اهــ .
وما دام أنها تجوز في كل وقت عند الجمهور فإنها تصلى بعد الجمعة، وإذا أمر بها ولي الأمر لزم طاعته وحتى على القول بكراهتها بعد الجمعة فإن ولي الأمر يطاع فيها عند بعض الفقهاء لا سيما وأن الكراهة ليست مجمعا عليها .
جاء في الفواكه الدواني للنفراوي المالكي عن طاعة ولاة الأمر في المكروه والمعصية: فَأَمَّا فِي الْمَعْصِيَةِ فَتَحْرُمُ طَاعَتُهُمْ لِخَبَرٍ : { لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ } وَغَيْرُ الْمَعْصِيَةِ يَشْمَلُ الْمَكْرُوهُ ، وَفِي وُجُوبِ إطَاعَتِهِمْ فِيهِ خِلَافٌ الْوُجُوبُ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْكَرَاهَةُ مُجْمَعًا عَلَيْهَا وَعَدَمُهُ عِنْدَ الْقُرْطُبِيِّ ... اهــ .
فإذا رأى ولي الأمر هذا القول وأمر بصلاة الاستسقاء في أي وقت فإنه يطاع , وإذا أمر بها بعد الجمعة صليت بعد الجمعة، فيصلي الإمام ركعتي الاستسقاء بعد الجمعة ثم يخطب بعدها خطبتين، وإن اكتفى بركعتي الاستسقاء ولم يخطب بعدهما لكي لا يطيل على الناس فلا بأس لأن الخطبة بعد الاستسقاء مستحبة وليست واجبة ولا شرطا للاستسقاء.
قال ابن قدامة في المغني: لِأَنَّ الْخُطْبَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ ، عَلَى الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا ، فَإِنْ شَاءَ فَعَلَهَا ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا ... اهــ
والله تعالى أعلم.