الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الحدث يضاف إلى آخر وقت يمكن أن يكون حدث فيه وهو هنا ما بعد صلاة العصر، فإذا احتمل حدوثه بعدها لم تجب إعادتها، ويقوي هذا الاحتمال كونك لم تر شيئا بعد الاستيقاظ من النوم، لكنك إن كنت على يقين بأن ما رأيته منيا فإنه يجب عليك الغسل وإعادة الصلوات التي أديت بعد رؤيته بلا اغتسال، وإذا لم يحتمل طروه بعد صلاة العصر لقرينة دلت على ذلك مثل أن يكون يابسا وقت الاطلاع عليه ولم يمض على الصلاة إلا وقت قصير، فمعنى ذلك أنه خفي عليك عند الانتباه من النوم فيحمل على أنه حدث في آخر وقت يمكن حصوله فيه وهو آخر نومة نمتها، فلتعتبر أن الاحتلام حصل فيها، ولو لم تتذكره، وبالتالي فعليك إعادة الصلوات التي أديتها قبل أن تغتسل منه، قال ابن قدامة في المغني: فإن رأى في ثوبه منيا وكان مما لا ينام فيه غيره فعليه الغسل، لأن عمر وعثمان اغتسلا حين رأياه في ثوبهما، ولأنه لا يحتمل أن يكون إلا منه، ويعيد الصلاة من أحدث نومة نامها فيه، إلا أن يرى أمارة تدل على أنه قبلها فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها. انتهى.
وقال السيوطي في الأشباه والنظائر: الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن، ومن فروعها: من رأى في ثوبه منيا ولم يذكر احتلاما لزمه الغسل على الصحيح، قال في الأم: وتجب إعادة كل صلاة صلاها من آخر نومة نامها فيه. انتهى.
وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَأَى مَنِيًّا في ثَوْبِ نَوْمِهِ ولم يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا ولم يَدْرِ وَقْتَ حُصُولِهِ فإنه يَجِبُ عليه الْغُسْلُ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ من آخِرِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فيها سَوَاءٌ كان طَرِيًّا أو يَابِسًا على الْمَشْهُورِ. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 58660.
والله أعلم.