الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى يعين المحافظ على طاعته القائم بأمره التارك لنهيه العامل بشرعه المستقيم على دينه، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ {النحل:128}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عمه ابن العباس رضي الله عنهما: احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك.
فمهما أطاع العبد ربه كان له من العون بقدر طاعته، وأيضا فإن عون الله للعبد يكون بتكميله التوكل عليه والتفويض إليه والاستعانة به تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم: وإذا استعنت فاستعن بالله.
ولذا افترض الله على العباد أن يقولوا في كل ركعة من ركعات صلاتهم: إياك نعبد وإياك نستعين ـ فمن استعان بالله وتوكل عليه كفاه ودفع عنه وأعانه، ولا ينقص حظه من العون والكفاية إلا بقدر ما ينقص من توكله واستعانته بالله وبهذا الطريق أيضا تحصل للعبد قوة القلب والبدن، قال ابن القيم رحمه الله: فَالْقُوَّةُ كُلُّ الْقُوَّةِ فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ، فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، فَالْقُوَّةُ مَضْمُونَةٌ لِلْمُتَوَكِّلِ، وَالْكِفَايَةُ وَالْحَسْبُ وَالدَّفْعُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَنْقُصُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَنْقُصُ مِنَ التَّقْوَى وَالتَّوَكُّلِ، وَإِلَّا فَمَعَ تَحَقُّقِهِ بِهِمَا، لَا بُدَّ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ مَخْرَجًا مِنْ كُلِّ مَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكُونُ اللَّهُ حَسْبَهُ وَكَافِيَهُ. انتهى.
وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّ لِلْحَسَنَةِ ضِيَاءً فِي الْوَجْهِ، وَنُورًا فِي الْقَلْبِ، وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ، وَقُوَّةً فِي الْبَدَنِ، وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَإِنَّ لِلسَّيِّئَةِ سَوَادًا فِي الْوَجْهِ، وَظُلْمَةً فِي الْقَبْرِ وَالْقَلْبِ، وَوَهْنًا فِي الْبَدَنِ، وَنَقْصًا فِي الرِّزْقِ، وَبُغْضَةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ.
كما أن معونة الناس والسعي في مصالحهم وقضاء حوائجهم من أعظم ما تنال به معونة الله تعالى كما صح في الحديث: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. أخرجه مسلم.
كما أن لقوة البدن أسبابا حسية من فعل الرياضات البدنية المعينة بإذن الله على ذلك، والأخذ بها هو من الأخذ بالأسباب المشروعة.
والله أعلم.