الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرؤيا الصادقة التي تتحقق إذا رآها المؤمن علامة خير له، روى أحمد والترمذي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: لهم البشرى في الحياة الدنيا؟ قال: هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له. فعلى من أكرمه الله تعالى بصدق الرؤيا أن يشكر الله على هذه النعمة، وأن يزداد تمسكاً بدين الله وشرعه.
وقد أحسنت صنعا بنصيحتك لأمك في ترك إيداعها للمال مقابل فائدة ثابتة تدفع إليها في كل فترة، لأن ذلك مجرد قرض ربوي؛ كما بينا في الفتوى رقم 53131 ولا يجوز لها الانتفاع بالفوائد الربوية بل يلزمها التخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين ودفعها إلى الفقراء والمساكين. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279].
فبين لها ذلك لتتخلص من الفوائد المحرمة، وأما ما أنفقته منها سابقا قبل علمها بحرمة تلك الفوائد فلا حرج عليها فيه ولا يلزمها إخراج بدله؛ لأن الله يقول: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة:275}. لكن يلزمها الإقلاع عن مثل هذه المعاملات بعد علمها بحرمتها.
وأما ما تعطيك إياه أمك من طعام أو هبات أو غيرها، فلا حرج عليك في الانتفاع بها لأن حرمة المال تتعلق بذمة آخذه لا بعينه، ومالها مختلط منه ما هو حلال ومنه ما هو محرم، وقد بينا جواز قبول الهدايا ممن اختلط ماله، وذلك في الفتوى رقم:168747.
والله أعلم.