الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت زوجتك كارهة لتلك الوساوس نافرة منها فإنها لا تضرها شيئا، بل كراهتها لها ونفورها منها دليل صحة إيمانها، وقد شكى الصحابة رضي الله عنهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من هذا مما يجدونه في أنفسهم ويكره أحدهم أن يتكلم به ويود أن لو خر من السماء ولا يتكلم به فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك صريح الإيمان.
قال النووي: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَلِكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ وَمَحْضُ الْإِيمَانِ مَعْنَاهُ اسْتِعْظَامُكُمُ الْكَلَامَ بِهِ هُوَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ، فَإِنَّ اسْتِعْظَامَ هَذَا وَشِدَّةَ الْخَوْفِ مِنْهُ وَمِنَ النُّطْقِ بِهِ فَضْلًا عَنِ اعْتِقَادِهِ إِنَّمَا يَكُونُ لِمَنِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ اسْتِكْمَالًا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَةُ وَالشُّكُوكُ.. وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ إِنَّمَا يُوَسْوِسُ لِمَنْ أَيِسَ مِنْ إِغْوَائِهِ فَيُنَكِّدُ عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إِغْوَائِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلَا يَقْتَصِرُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْوَسْوَسَةِ بَلْ يَتَلَاعَبُ بِهِ كَيْفَ أَرَادَ. فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ سَبَبُ الْوَسْوَسَةِ مَحْضُ الْإِيمَانِ أَوِ الْوَسْوَسَةُ عَلَامَةُ مَحْضِ الْإِيمَانِ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ القاضي عياض. انتهى.
فلتطمئن زوجتك ولتعلم أنها لا تؤاخذ بهذه الوساوس ولا تؤثر في صحة إيمانها، وعليها أن تجاهد نفسها للتخلص منها وذلك بالإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وكلما عرض لها شيء من تلك الوساوس فلتستعذ بالله تعالى ولتنته ولتقل آمنت بالله ورسله. ولتعلم أنها مأجورة إن شاء الله ما دامت تجاهد نفسها للتخلص من تلك الوساوس، ولتنظر للفائدة الفتوى رقم: 147101.
والله أعلم