الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن تزويج الأب أبناءه أو بناته وإنفاقه على دراستهم ليس مبررا لأن يوصي بشيء من تركته لمن لم يصلوا سن الزواج أو الدراسة منهم, لأن نفقة التزويج والدراسة تدخل ضمن النفقة لدفع الحاجة وليست من باب الهبة التي يلزم فيها العدل. جاء في "الشرح الممتع على زاد المستقنع" للعثيمين رحمه الله تعالى: ولو احتاج أحدهم إلى تزويج والآخر لا يحتاج ، فالعدل أن يعطي من يحتاج إلى التزويج ولا يعطي الآخر، ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج، ويكون له أولاد صغار، فيكتب في وصيته: إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا، أن يُزَوج كل واحد منهم من الثلث، فهذا لا يجوز؛ لأن التزويج من باب دفع الحاجات، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج، فالوصية لهم حرام ، ولا يجوز للورثة ـ أيضاً ـ أن ينفذوها إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك، فلا بأس بالنسبة لحقه من التركة. اهــ.
وقال أيضا : ولهذا من الخطأ الفادح والجهل الفاضح أن بعض الناس إذا زوج أولاده الكبار الذين لا يستطيعون الزواج لأنفسهم وله أولاد صغار أوصى لأولاده الصغار بقدر ما أعطى الكبار للنكاح، وهذا غلط، حتى لو مات فالوصية لا تنفذ، ويعطى ما أوصى به للصغار يدخل في التركة ويقسم على فرائض الله. اهــ
ولكن إذا كنت بالغت في نفقة تزويج الكبار فوهبت لهم ما لا يقتضيه التزويج فقد يلزمك أن تهب للصغار الآن ما يتحقق به العدل الواجب , وانظر الفتوى رقم 126473.
وكذا لا يجوز لك على الصحيح من أقوال الفقهاء أن تهب للصغار المشروع التجاري أو غيره دون الكبار من غير مسوغ شرعي لأن العدل في العطية واجب بين الأولاد ذكورا وإناثا كما بيناه في الفتوى رقم 101286 والفتوى رقم 103527.
والذي نفتيك به هو أنه إذا مد الله في عمرك وبلغ الصغار سن الزواج فإنه يجب عليك تزويجهم كما زوجت من سبقهم.
قال الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح: يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول. اهـ.
وتجدر الإشارة إلى أن حصر الورثة قبل موت المورث غير ممكن؛ لأن غير الوارث قد يصير وارثا والعكس. ولو افترض موتك عمن ذكرت من الورثة فإن الذي يرث منهم هم الأبناء والبنات والزوجة، وأما الباقون فهم محجوبون حجب حرمان بالابن الذكر.
والله تعالى أعلم