الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في كون هذه القصة من أبين الكذب، وفي ألفاظها من الركاكة وفي متنها من السماجة ما يبين وضعها وكذبها لكل ذي لب، وكيف يظن بالشافعي ـ رحمه الله ـ أن يصدر منه كلام يدل على الإقرار بالفاحشة عياذا بالله، وأين التفويض لله وتسليم الأمر له في الإقرار بهذا المنكر الشنيع؟ وواضع هذه القصة أو ناقلها إن كان حسن القصد يريد رفع مقام الأئمة والحط على اليهود فقد أساء من حيث أراد أن يحسن، فإن مقام الأئمة أعلى من أن يحتاجوا في رفعه إلى مثل هذا الهذيان، ومثل هذه القصص هي إلى الزراية بالأئمة والحط عليهم أقرب، وفضائح اليهود وعداوتهم للمسلمين أبين من الشمس في رابعة النهار. فعلى المسلمين أن يشتغلوا بالثابت من قصص الكتاب والسنة وما نقله الثقات من قصص العلماء وأخبارهم ففي هذا النفع الكثير، وفيه غنية عن مثل هذه الأباطيل التي لو لم يكن في حكايتها إلا إضاعة الوقت فيما لا طائل تحته لكفى به تنفيرا عن حكايتها والاشتغال بها.
والله أعلم.