الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب عن سؤالك يتضمن نقاطا بيانها كالتالي:
أولا: حكم تأجير المستأجر المحل لغيره وهو أنه يجوز له ذلك بشروط منها: أن يكون ذلك في زمن العقد، وأن يؤجرها لمن ينتفع بها بمثل منفعته، أو دونها في الضرر، وأن لا يكون المؤجر اشترط على المستأجر أن يستوفي المنفعة بنفسه دون غيره، جاء في كشاف القناع: وتصح إجارة مستأجر العين المؤجرة لمن يقوم مقامه في استيفاء النفع أو لمن دونه في الضرر، لأن المنفعة لما كانت مملوكة له، جاز له أن يستوفيها بنفسه ونائبه، ولا يجوز للمستأجر أن يؤجرها لمن هو أكثر ضرراً منه، لأنه لا يستحقه، ولا إجارتها لمن يخالف ضررُه ضررَه لما مر. انتهى.
وجاء في فتاوى ابن تيمية: ويجوز للمؤجر إجارة العين المؤجرة من غير المستأجر في مدة الإجارة، فإن شرط المؤجر على المستأجر أن لا يستوفي المنفعة إلا بنفسه... فقياس المذهب فيما أراه أنها شروط صحيحة. انتهى.
وبناء عليه، فلا حرج عليك في تأجير المحل لغيرك وفق تلك الضوابط ولو بأكثرمما استأجرته به، قال ابن رجب الحنبلي في قواعده: إجارة المستأجر جائزة على المذهب الصحيح بمثل الأجرة وأكثر وأقل. انتهى.
ثانيا: جعل الأجرة نسبة مما يكسبه المستأجر من عمله في المحل وآلاته وهذا لا يصح، إذ لا بد في الإجارة من معلومية الأجرة، والأجرة بالصورة المذكورة غير معلومة، لأنها مربوطة بالكسب، وهو مجهول، وما علق بالمجهول يكون مجهولاً وهذا مما يفسد عقد الإجارة، ولو عقدت عليه واستوفى المستأجر المنفعة فعليه دفع أجرة المثل.
ثالثا: كون المستأجر الثاني يريد أن يعمل حلاقا في المحل وهذا لاحرج فيه شريطة مراعاة الضوابط السابقة في تأجير المستأجر لغيره، كما أن عمل الحلاق منه ما هو مشروع ومنه ما هو ممنوع وعليه، فإذا علمت أن الحلاق لن يلتزم بمراعاة الضوابط الشرعية في عمله فلا تؤجر له، ومن الضوابط في هذه المهنة: أن يقتصر العمل فيها على حلق ما جاز حلقه من الشعر، كشعر الرأس والشارب وغيرهما، وأن لا يحلق الشعر على هيئة فيها تشبه بالكفار أو النساء.
والله أعلم.