الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سرق وهو صغير قبل أن يبلغ الحلم فإن الإثم مرتفع عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. أخرجه أصحاب السنن وأحمد والحاكم وغيرهم.
لكن عليك ضمان ما سرقته، لأن عدم التكليف إنما يسقط الإثم ولا يسقط الضمان، ولا بد في التوبة من مظالم الناس من رد الحق إلى صاحبه والتحلل منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
وإذا كنت تستطيع ردها الآن فعليك المبادرة إلى ذلك، لأن التوبة واجبة على الفور ولا تتم إلا برد الحق كما أن في تأخير الحق عن صاحبه مع الإستطاعة والمطالبة مطل، ومطل الغني ظلم، لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغني ظلم.
وأما إن كنت معسرا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لكن عليك العزم بردها متى ما استطعت ذلك مالم تتحلل من أصحابها ويبرئوك منها، وأما ما تشك في أنك سرقته فالأصل براءة ذمتك منه ولا يلزمك تكلف النظر وإجهاد الفكر لمجرد الشك، وانظر الفتوى رقم: 174521.
وبناء عليه، فما علمته من الحقوق أوغلب على ظنك فعليك أداؤه متى استطعت، وما تشك فيه فحسب فاصرف فكرك عنه ولا تشغل به بالك ولا سيما أنك صاحب وسوسة.
والله أعلم.