الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من السؤال أن الأمر لم يكن مجرد خطبة وإنما عقد لا يمكن فسخه إلا بطلاق. والطلاق مباح إلا أنه يكره إن لم يكن له سبب، وراجع الفتوى رقم: 12963. ففيها بيان أن الطلاق تعتريه الأحكام التكليفية. وإن لم يكن من سبب دعاك إلى الطلاق إلا أنك لم تحب زوجتك فقد كان الأولى بك التأني، فليس على الحب وحده تبنى البيوت كما قال عمر رضي الله عنه، ففي الزواج كثير من المقاصد العظيمة. ثم إن الحب يمكن أن يوجد بعد أن لم يكن. هذا بالإضافة إلى ما في ذلك من البر بوالديك.
أما وقد حصل ما حصل فلا سبيل لك إليها بعد أن طلقتها بالثلاث، لأنها قد بانت منك بينونة كبرى فلا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك نكاح رغبة، قال تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {البقرة:230}. وراجع الفتوى رقم: 30332. وهي عن أنواع الطلاق.
وأما بالنسبة لوالديك وغضبهما بسبب تطليقك لزوجتك فإن كنت متضررا ببقاء هذه المرأة في عصمتك وطلقتها دفعا لهذا الضرر فلا حرج عليك في ذلك، لأن طاعة الوالدين إنما تجب في المعروف، وليس من المعروف طاعة ولدهما لهما فيما فيه ضرر عليه، ولكن ينبغي أن تبذل جهدك في سبيل كسب رضاهما ودارهما حتى تتمكن من ذلك. ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 76303.
ولا ندري وجه سؤالك عن الفتاة إن كانت آثمة أم لا، والأصل براءة الذمة من الإثم حتى يثبت خلافها.
والله أعلم.