الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هؤلاء البنات غير مقصرات باستعمال أغراضك لأن هذا مما جرى به العرف، وقد رخص تعالى في الأكل من بيت الصديق بغير إذنه لجريان العرف بذلك فقال تعالى: وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ {النور:61}.
قال أبو الطيب في فتح البيان: (أو صديقكم) أي لا جناح عليكم أن تأكلوا من بيوت صديقكم، وإن لم يكن بينكم وبينه قرابة فإن الصديق في الغالب يسمح لصديقه بذلك وتطيب به نفسه. قال قتادة: إذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته. ثم أكلت من طعامه بغير إذنه لم يكن بذلك بأس... وقال المحلي: المعنى يجوز الأكل من بيوت من ذكر؛ وإن لم يحضروا أي الأصناف الأحد عشر. إذا علم رضاهم به بصريح اللفظ، أو بالقرينة وإن كانت ضعيفة، وخصوا هؤلاء بالذكر، لأن العادة جارية بالتبسط بينهم. انتهى.
فإذا كان صديقاتك قد جرين على مقتضى العادة وظنن أنك لا تمنعين من ذلك فلا تبعة عليهن فيما يفعلن، والذي ننصحك به أن يتسع صدرك لمثل هذه الأمور، فإنها مما جرت به عادة الناس وهي من محاسن الأخلاق، وإن أبيت إلا الاستقصاء في حقك وعدم التبسط في هذا الأمر اليسير فصرحي لصديقاتك بمنعهن من هذا، وأما أن تسكتي كالآذنة لهن ثم تدعين عليهن فليس لك فعل هذا، وأنت بدعائك عليهن والحال هذه ظالمة لهن.
والله أعلم.