الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإسقاط الجنين إنما تلزم فيه الغرة وكذا الكفارة على الحامل ـ عند من يقول بها ـ إذا كان للحامل سبب في إسقاط جنينها كقيامها بتصرف يترتب عليه سقوطه عادة كوثوب شديد أو شرب دواء يسقطه... أما إذا كان الجنين قد سقط من غير سبب حاصل من جهتها فلا يلزمها شيء، جاء في الحاوي الكبير للماوردي: إذا طفرت الحامل ـ يعني أنها وثبت ـ فألقت جنينا ميتا فإن لم تخرج الطفرة عن عادة مثلها من الحوامل ولا كان مثلها مسقطا للأجنة لم تضمنه، وإن خرجت عن عادة مثلها وكانت الأجنة تسقط بمثل طفرتها ضمنته بالغرة والكفارة، ولم ترث من الغرة، لأنها قاتلة، وهكذا لو شربت الحامل دواء فأسقطت جنينا ميتا روعي حال الدواء، فإن زعم علماء الطب أن مثله قد يسقط الأجنة ضمنت جنينها، وإن قالوا: مثله لا يسقط الأجنة لم تضمنه. انتهى.
وفي مواهب الجليل للحطاب: وسئل مالك عن المرأة تشرب الدواء وهي حامل فيسقط ولدها أترى عليها شيئا؟ قال: ما أرى به بأسا إذا كان دواء يشبه السلامة فليس به بأس إن شاء الله. انتهى.
وبالتالي، فإن كان السقوط من غير قصد منك، بل حصل غلبة وترتب عليه سقوط الجنين فلا يلزمك شيء، وإن كان السقوط بموجب حصل منك ومثله يسقط الجنين عادة فعليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى والإكثار من الإستغفار ولا يلزمك صوم شهرين عند كثير من أهل العلم، وقال البعض بلزوم ذلك، والعمل بهذا القول أحوط، وعليك غرة وهي عبد صغير، أو أمة وقد تعذر وجودها الآن ويقوم مقامها عشر دية الأم، وعشر ديتها: خمس من الإبل، أو خمسون ديناراً من الذهب أو ما يقابل ذلك من الفضة، تدفع لورثة الجنين ولا تستحق الأم شيئا من هذه الدية، وراجعي المزيد في الفتاوى التالية أرقامها: 173179، 9332، 127996.
والله أعلم.