الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكعبة المشرفة مبنية بالحجارة –كما هو معلوم ومشاهد- وجاء في بعض الآثار أن هذه الحجارة من خمسة أجبل هي : لبنان، وطور زيتا، والجودي، وطور سيناء، وحراء، وكان ربضه من حراء. رواه ابن أبي شيبة. وفي مجمع الزوائد للهيثمي عن عبد الله بن عمرو قال: لما أهبط الله آدم من الجنة قال : إني مهبط معك بيتا -أو منزلا- يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلى عنده كما يصلى حول عرشي، فلما كان زمن الطوفان رفع. وكان الأنبياء يحجونه ولا يعلمون مكانه فبوأه لإبراهيم؛ فبناه من خمسة أجبل : حراء، وثبير، ولبنان، وجبل الطور، وجبل الخير، فتمتعوا منه ما استطعتم. رواه الطبراني في الكبير موقوفا ورجاله رجال الصحيح، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب.
وإذا كنت تقصد هل كان مع هذه الحجارة ماء وطين للربط بينها ؛ فقد ذكر بعض أهل التفسير والأخبار عند قول الله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {البقرة:127}، أن إبراهيم كان يبني وإسماعيل يناوله الحجر، وقال بعضهم يناوله الحجر والطين، ولم يذكروا لنا نوع الماء الذي بُلّ به هذا الطين، وإذا كان مع الحجارة طين -كما جاء في بعض التفاسير- فالأقرب – والله أعلم- أن يكون بل بماء زمزم؛ لأن مكة المكرمة في أول أمرها لم يكن فيها ماء غير ماء زمزم.
ويمكن أن تكون بنيت بصفائح الحجارة وحدها بدون طين يربط بينها، وهذا مما لا يترتب عليه شيء ولا ينبني عليه عمل .