الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللعاب الذي يخرج من فم الآدمي طاهر كما قال خليل في الطاهرات: والحي ودمعه وعرقه ولعابه ومخاطه... اهـ
وقال ابن قدامة في المغني: الآدمي طاهر وسؤره طاهر سواء كان مسلما أو كافرا عند عامة أهل العلم، إلا أنه حكي عن النخعي أنه كره سؤر الحائض، وعن جابر بن زيد: لا يتوضأ منه، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن لا ينجس. وعند عائشة أنها كانت تشرب من الإناء وهي حائض فيأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيها فيشرب، وتتعرق العرق فيأخذه فيضع فاه على موضع فيها. اهـ.
وعليه فلا يطلب في الأصل غسل الإناء الذي استعمله إنسان آخر سواء كان كوبا أو ملعقة.
وأما كون هذا الشاب يتعمد مكان شرب الفتاة للوصول للعابها فهذا يفيد أن في الأمر ريبة ونية سيئة، وربما يجر للحرام، ومن الواضح في هذا احتمال اختلاط بينهما ومجالسة حيث يتبادلان الأواني. وبناء عليه يكون هذا الفعل حراما شرعا، ومن الأصول الشرعية المعتبرة عند جمع من أهل العلم "سد الذرائع" أي كل ما كان يفضي إلى محرم فإنه يمنع لذلك. فقد ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان ينهى أن يقعد الرجل مكان جلوس المرأة حتى تمضي مدة زمنية بحيث يصبح مكان جلوسها بارداً سداً للذريعة، وقطعاً لما يترتب على مثل هذا الأمر من فتنة.
ففي فيض القدير للمناوي: وأخذ بعض المالكية من الحديث حرمة التلذذ بشم طيب أجنبية، لأن الله إذا حرم شيئاً زجرت الشريعة عما يضارعه مضارعة قريبة، وقد بالغ بعض السلف في ذلك حتى كان ابن عمر رضي الله عنهما ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه حتى يبرد. انتهى.
وجاء في مجلة مجمع الفقه الإسلامي: يمكن القول بوجود اتفاق على حرمة كل ما ينتهي بشكل طبيعي وعرفي إلى الحرام .... فمصب البحث ـ كما أكد القرافي بحق ـ هو ما كان أداؤه إلى المفسدة كثيرًا لكنه ليس غالبًا.... صحيح أن الشارع قد يشتد اهتمامه بحذف مفسدة مهمة فيصب اهتمامه على سد كل الطرق التي تؤدي إليها ولو احتمالًا، وحينئذ يقوم مباشرة بالتحريم كما في موضوع الزنا واختلاط المياه وضياع الأنساب، حيث عمل الشارع على سد كثير من الطرق المفضية إليه على نحو الاحتمال، وقد يستفيد البعض من أسلوبه أن كل طريق يؤدي إليه بنفس المستوى يجب سده ... اهـ
وراجع للمزيد في شأن سد الذرائع الفتوى رقم : 62533.
والله أعلم.