الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى أحمد في المسند من حديث عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من سبع موتات، موت الفجأة وَمِنْ لَدْغِ الْحَيَّةِ، وَمِنَ السَّبُعِ، وَمِنَ الْحَرَقِ، وَمِنَ الْغَرَقِ، وَمِنْ أَنْ يَخِرَّ عَلَى شَيْءٍ، أَوْ يَخِرَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمِنَ الْقَتْلِ عِنْدَ فِرَارِ الزَّحْفِ. وفي إسناد هذا الحديث مقال، قال الأرنؤوط: إسناده ضعيف، ابن لهيعة ـ وهو عبد الله ـ سيء الحفظ، ومالك بن عبد الله مجهول. انتهى.
قال الحافظ في الفتح: روى أبو داود من حديث عبيد بن خالد السلمي أنه صلى الله عليه وسلم قال: موت الفجأة أخذة أسف ـ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ رَاوِيهِ رَفَعَهُ مَرَّةً وَوَقَفَهُ أُخْرَى وَقَوْلُهُ أَسَفٌ أَيْ غَضَبٌ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَرُوِيَ بِوَزْنِ فَاعِلٍ أَيْ غَضْبَانَ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِجِدَارٍ مَائِلٍ فأسرع وَقَالَ أكره موت الْفَوات، قَالَ بن بَطَّالٍ وَكَانَ ذَلِكَ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ لِمَا فِي مَوْتِ الْفَجْأَةِ مِنْ خَوْفِ حِرْمَانِ الْوَصِيَّةِ وَتَرْكِ الِاسْتِعْدَادِ لِلْمَعَادِ بِالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَقد روى بن أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْمَوْتِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوَ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَزَادَ فِيهِ الْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ وَصِيَّتَهُ انْتَهَى، وَفِي مُصَنف ابن أبي شيبَة عَن عَائِشَة وابن مَسْعُودٍ: مَوْتُ الْفَجْأَةِ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَأَسَفٌ عَلَى الْفَاجِر.. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ كَرَاهَةُ مَوْتِ الْفَجْأَةِ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ بَعْضِ الْقُدَمَاءِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَاتُوا كَذَلِكَ، قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مَحْبُوبٌ لِلْمُرَاقِبِينَ قُلْتُ وَبِذَلِكَ يَجْتَمِعُ الْقَوْلَان. انتهى بتصرف يسير.
والله أعلم.