الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المشار إليه رواه مسلم في صحيحه ولفظه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذَلِكَ، حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ.
والأفضل أن يقال هذا الذكر أول النهار متتاليا ليكون حرزا له في جميع النهار، ولا مانع من الإتيان به متفرقا في أوقات النهار، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال النووي: وَظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَجْرَ يَحْصُلُ لِمَنْ قَالَ هَذَا التَّهْلِيلَ فِي الْيَوْمِ مُتَوَالِيًا أَوْ مُتَفَرِّقًا فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَوْ آخِرِهِ، لَكِنِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ أَوَّلَ النَّهَارِ مُتَوَالِيًا لِيَكُونَ لَهُ حِرْزًا فِي جَمِيعِ نَهَارِهِ وَكَذَا فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ لِيَكُونَ لَهُ حِرْزًا فِي جَمِيعِ لَيْلِهِ. انتهى.
وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح عند شرح هذا الحديث: وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا أَيْ: حِفْظًا وَمَنْعًا وَمِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ أَيْ: فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي قَالَهَا فِيهِ حَتَّى يُمْسِيَ: وَظَاهِرُ التَّقَابُلِ أَنَّهُ إِذَا قَالَ فِي اللَّيْلِ كَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ لَيْلِهِ ذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اخْتِصَارًا مِنَ الرَّاوِي، أَوْ تَرْكٌ لِوُضُوحِ الْمُقَابَلَةِ وَتَخْصِيصُ النَّهَارِ، لِأَنَّهُ أَحْوَجُ فِيهِ إِلَى الْحِفْظِ. انتهى.
والظاهرمن كلام النووي وغيره هنا أن المراد باليوم هنا النهار، وهو ما بين بين طلوع الفجر وغروب الشمس، فينبغي للأخت السائلة أن تأتي بهذا العدد من الذكر فيما بين ذلك، والأفضل الأتيان به متتاليا في أول النهار كما تقدم، وفي بعض الروايات أن المائة تقال صباحا ومساء، فقد روى النسائي في عمل اليوم والليلة عن عمرو بن شعيب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَالَ فِي يَوْم مِائَتي مرّة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير لم يسْبقهُ أحد كَانَ قبله وَلَا يُدْرِكهُ أحد كَانَ بعده إِلَّا من عمل أفضل من عمله. ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، وقال: وهذا إسناد حسن للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولذا قال في الفتح: إسناده صحيح إلى عمرو ـ إلى أن قال: وليس المراد من الحديث أن يقول المائتي مرة في وقت واحد كما تبادر لبعض المعاصرين ممن ألف في سنية السبحة! وإنما تقسيمهما على الصباح والمساء، فقد جاء ذلك صريحا في رواية شعبة عن عمرو بن شعيب به، ولفظه: من قال.. مائة مرة إذا أصبح ومائة مرة إذا أمسى. انتهى.
والله أعلم.