الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتخوف أبيكم من ظلم بناته تخوف في محله، لأن الأصل كون الأب مأمورا بالعدل بين أبنائه ذكوراً كانوا أو إناثاً، سواء كان ذلك في الهبة أو المنافع، واختلف أهل العلم هل ذلك على الندب؟ وهو ما ذهب إليه الجمهور، أو على الوجوب؟ وهو ما ذهب إليه الحنابلة، وهو مانراه راجحا، لقوله صلى الله عليه وسلم لمن أراد إشهاده على عطية خصَّ بها بعض ولده: فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور. رواه مسلم. وانظر الفتوى رقم: 6242.
لكن لو خص الأب بعض أبنائه أوبناته بعطية ونحوها لمسوغ شرعي جاز حتى عند القائلين بوجوب التسوية.
قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: فإن خص بعضهم لمعنى مثل: اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عيال، أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى، أو ينفقه فيها، فقد روي عن الإمام أحمد جواز ذلك. اهـ
وعلى هذا؛ فلا حرج على أبيكم - إن شاء الله تعالى - في عريته للسكن لكما لتنتفعا به ولو دون بذل أجرة لحاجتكما إليه واستغناء أخواتكما عنه بسكنهن مع أزواجهن، فكان التفضيل هنا لمسوغ معتبر فلا حرج فيه، ولا يجب عليه إلزامكما بدفع أجرة عوضا عنه.
وأما كون الأجرة تحتسب من نصيبكما في الميراث فلا اعتبار لذلك؛ لأنكما لا تملكان الميراث إلا بعد موت المورِّث، ولا يصح منكما التصرف فيه قبل ذلك.
والله أعلم.