الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على عمك أن يصلك ولا يكفي أن يسأل زوجك عنك ما دام يقدر على مكالمتك من غير مشقة، وواجب عليك أيضا أن تصلي عمك فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم حتى لمن يقطعها، فعَنْ عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. صحيح البخاري.
واعلمي أنّ الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف واختلاف الظروف فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة، قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحب ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
وننبهك إلى أن من محاسن أخلاق الزوجة وطيب عشرتها لزوجها، إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، كما ننبهك إلى أنّ العفو عن المقصر يزيد صاحبه عزاً وكرامة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: .. وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا.
كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}.
والله أعلم.