الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استعمال المرأة للحناء مستحب، لما رواه أبو داود وغيره عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أومت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده فقال: ما أدري أيد رجل أم يد امرأة؟ قالت: بل امرأة، قال: لو كنت امرأة لغيرت أظفارك يعني بالحناء. حسنه الألباني.
ولما رواه الإمام أحمد في المسند عن ضمرة بن سعيد عن جدته عن امرأة من نسائه قال: -وقد كانت صلت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: اختضبي تترك إحداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل، قالت: فما تركت الخضاب حتى لقيت الله عز وجل وإن كانت لتختضب وإنها لابنة ثمانين. والحديث تكلم أهل العلم في سنده.
قال المناوي في فيض القدير: قال ابن حجر: ... فخضاب اليد مندوب للنساء للفرق بين كفها وكف الرجل، بل ظاهر قول بعضهم أن من تركته فقد دخلت في الوعيد الوارد في المتشبهات بالرجال أي تركه حرام، لكن لم يقل به أحد فيما أعلم.
وأما وجوب ستر الوجه والكفين: فإن أهل العلم ـ قديما وحديثا ـ قد اختلفوا في ذلك، وانظري بعض أقوالهم في الفتاوى التالية أرقامها: 41704، 8287، 5224، وما أحيل عليه فيها.
فإذا وضعت المرأة الحناء على يديها.. فعليها أن تسترهما عمن لا يحل له النظر إلى زينتها من الرجال الأجانب على القول بوجوب ستر الكفين، وقد بينا أدلة القائلين بذلك، وانظري الفتوى: 4470.
وعلى القول بعدم وجوب سترهما وأن الحناء من الزينة الظاهرة التي لا حرج في إبدائها، فإنه لا يلزمها سترهما إلا عند خوف الفتنة أو على جهة الورع والاحتياط، جاء في تفسير القرطبي عند قول الله تعالى: ولا يبدين زينتهن إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ـ واختلف الناس في قدر ذلك... وقال ابن عباس، وقتادة، والمسور بن مخرمة: ظاهر الزينة هو الكحل والسوار والخضاب .. والقرطة والفتخ ونحو هذا، فمباح أن تبديه المرأة لكل من دخل عليها من الناس، وفي الدر المنثور: أخرج ابن المنذر عن أنس في قوله: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ـ قال: الكحل والخاتم.
وانظري بعض أدلة أصحاب القول الثاني في الفتوى رقم: 54689.
والله أعلم.