الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزواج الرجل بمن زنا بها وهي حامل منه لا يجوز عند جماهير العلماء إلا بعد وضع حملها، و الولد الحاصل من الزنا لا ينسب إلى الزاني، لكن ذهب بعض العلماء إلى صحة هذا الزواج وأن الولد ينسب إليه ما دامت المرأة ليست فراشا لغيره ولم ينازعه أحد في نسب الولد.
قال ابن القيم – بعد أن ذكر هذا –: وهذا مذهب الحسن البصري، رواه عنه إسحاق بن راهويه بإسناده فى رجل زنا بامرأة، فولدت ولدا فادعى ولدها، فقال يجلد ويلزمه الولد، وهذا مذهب عروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، ذكر عنهما أنهما قالا: أيما رجل أتى إلى غلام يزعم أنه ابن له، وأنه زنى بأمه، ولم يدع ذلك الغلام أحد فهو ابنه، واحتج سليمان بن يسار بأن عمر بن الخطاب كان يليط (أي يلحق) أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام. انتهى.
وهذا الرأي أيضاً يراه محمد بن سيرين، وشيخ الإسلام ابن تيمية. ورجحه تلميذه ابن القيم، وروى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال: لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه، أن يتزوجها مع حملها، ويستر عليها، والولد ولد له.
وعلى كل الأقوال فإن ولد الزنا تجب له الرعاية والحقوق المكفولة للأطفال ولا يعاقب بجناية والديه، وانظر الفتوى رقم : 7501
وأما عن معاملة تلك المرأة فإن تابت واستقامت فالتوبة تمحو ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأما إن كانت مصرة على المعصية فإنها تنصح وتؤمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ويحال بينها وبين أسباب المعصية، وأما بخصوص ما أراده أبناء العم والأخ من قتل تلك المرأة فهو غير جائز بلا ريب وقتل لنفس معصومة إن كانت الفتاة غير محصنة، ولا سيما إذا أرادوا قتلها وهي حامل فذلك ظلم عظيم وإثم مبين، وانظر الفتوى رقم : 38473.
والله أعلم.