الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن الاتهام بالزنا لا يجوز إلا ببينة ظاهرة، فإن الزنا أمره خطير وإثمه عظيم ولا سيما إن كان من محصن وما دون الزنا من أنواع الاستمتاع المحرم بالمرأة وإن كان لا يوجب الحد إلا أنه ليس بالأمر الهين، بل هو منكر قبيح وهو طريق للوقوع في الفاحشة، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم زنا، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. متفق عليه.
فإن كان زوجك قد أقام علاقة محرمة مع امرأة فهو آثم ومتعد لحدود الله، واعتذاره عن ذلك بتقصيرك في حق الفراش اعتذار غير مقبول، فقد أباح له الله أن يتزوج زواجا شرعيا لا أن يقضي شهوته في الحرام، لكنه إذا كان قد تاب توبة صحيحة، فالتوبة تمحو ما قبلها، والذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك وتتعرفي على أسباب نفوره ورغبته في طلاقك، وإن كان ثمّ تقصير منك في شيء من حقوقه ـ ولا سيما حق الفراش ـ فعليك تدارك ذلك ومعاشرته بالمعروف ولا مانع من إسقاط بعض حقوقك حتى لا يطلقك، فإن لم يفد ذلك وأصر زوجك على طلاقك أو رأيت أن ضرر طلاقك أهون من ضرر بقائك معه على تلك الحال فلعل الله يعوضك خيرا، فالطلاق ليس شرا في جميع الأحوال، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ { النساء:130}.
قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها.
والله أعلم.