الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرى من خلفه، فهذا حق، وثابت، وهذا من معجزاته -صلى الله عليه وسلم-، روى البخاري، ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هل ترون قبلتي هاهنا، فوالله لا يخفى عليَّ ركوعكم ولا سجودكم، إني لأراكم من وراء ظهري.
وروى مسلم عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيها الناس! إني أمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، فإني أراكم من أمامي ومن خلفي.
وأما أنه حول الماء المالح إلى عذب: فلا نعلم في ذلك إلا ما رواه ابن السكن عن همام بن نقيد السعدي قال: قدمتُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت يا رسول الله: حفرنا لنا بئراً، فخرجت مالحةً، فدفع إليَّ إداوةً فيها ماء، فقال: "صبه"، فصببته فيها، فعذبت، فهي أعذب ماء بئر باليمن. ذكر هذا الأثر الإمام الصالحي في كتابه "سبل الهدى والرشاد" 9/463، والله أعلم بمدى صحة هذا الأثر.
وأما أنه كان يرى في الظلام: فقد روى ابن عدي، والبيهقي، وابن عساكر عن عائشة -رضي الله عنها-، وروى البيهقي، وابن عساكر عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قالا: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرى بالليل في الظلمة، كما يرى بالنهار في الضوء. أورد هذا الأثر الإمام الصالحي أيضاً في المصدر المتقدم 2/24.
غير أن أهل العلم والتحقيق لم يذكروا من معجزاته: تحويل الماء المالح إلى عذب، ولا رؤيته صلى الله عليه وسلم بالليل في الظلمة، في الوقت الذي أجمعوا على أنه كان صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه.
والله أعلم.